عظات
القديس مقاريوس الكبير
العظة
الخامسة والثلاثون
السبت
القديم والسبت الجديد
1 ـ في ظل
الناموس الذي أُعطى بواسطة موسى، أمر الله بأن كل إنسان ينبغي أن يستريح يوم السبت
ولا يعمل شيئاً. وكان هذا رمزاً وظلاً للسبت الحقيقي الذي يعطيه الرب للنفس. لأن
النفس التي قد مُنح لها أن تصير حرة من الأفكار المنحطة النجسة، فإنها تحفظ السبت
الحقيقي وتتمتع بالراحة الحقيقية، إذ تكون عاطلة وفي فراغ فيما يخص أعمال الظلمة.
ففي السبت الرمزي، رغم أنهم كانوا يستريحون راحة جسدية، إلاّ أن نفوسهم كانت
مستعبدة للشرور والخطايا. وأما هذا السبت الحقيقي، فهو راحة حقيقية، إذ تكون النفس
عاطلة عن غوايات الشيطان ومُطهرة منها، وتستريح في الراحة الأبدية وفرح الرب.
2 ـ وكما
أمر الله (في القديم) أن الحيوانات غير العاقلة أيضاً ينبغي أن تستريح في البيت،
وأن الثور لا ينبغي أن يُوضع عليه النير وألاّ يحمل الحمار أثقالاً ـ فإنه حتى
الحيوانات كانت تستريح من الأعمال الثقيلة ـ هكذا حينما أتى الرب وأعطى السبت
الحقيقي الأبدي، فقد أعطى راحة للنفس التي كانت مُثقلة ومُحملة بأحمال الإثم
الثقيلة والأفكار النجسة، وكانت تعمل تحت نير واضطرار أعمال الإثم لأنها كانت
مُستعبدة لسادة قساة، فأراحها من أثقالها التي يعسر حملها، أراحها من الأفكار
الباطلة والنجسة، ونزع عنها النير القاسي، نير أعمال الإثم وأراح النفس التي كانت
مُتعبة ومُثقلة بأفكار وغوايات النجاسة..
تعالوا إلى... وأنا
أريحكم:
3 ـ إن الرب يدعو الإنسان إلى الراحة قائلاً " تعالوا إلى يا جميع المتعبين
والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم" (مت28:11). وكل النفوس التي تطيع هذه الدعوة
وتقترب إليه، فإنه يريحهم من كل هذه الأفكار الثقيلة المُتعبة والنجسة ويصيرون
أحراراً من كل شر ويحفظون السبت الحقيقي المُبهج المقدس، ويعيدون عيد الروح، عيد
الفرح والبهجة التي تفوق الوصف، ويقدمون خدمة نقية مرضية لله من قلب نقى. هذا هو
السبت الحقيقي المقدس.
لذلك فلنتوسل إلى الله لكي " ندخل إلى هذه الراحة" (عب11:4)، ولكي نصير
أحراراً من الأفكار المنحطة والشريرة والباطلة ، لكيما نستطيع أن نخدم الله من قلب
نقى ونعيّد عيد الروح القدس.
وطوبى للإنسان الذي يدخل إلى تلك الراحة. والمجد لمن هذه هي مسرته، أي الآب والابن
والروح القدس، إلى الأبد آمين .