عظات
القديس مقاريوس الكبير
العظة
السادسة والثلاثون
درجات النعمة والمجد
عن
قيامة النفوس وقيامة الأجساد وأنواع مجد الذين
يقومون.
1 ـ إن
قيامة النفوس المائتة تحدث الآن في هذه الحياة، وأما قيامة الأجساد فتحدث في ذلك
اليوم (الأخير). وكما أن النجوم جميعها ثابتة في السماء إلاّ أنها ليست جميعها
متساوية، بل يختلف الواحد عن الآخر في اللمعان والحجم (1كو14:15)، هكذا الأمور
الروحانية فإنه يوجد بها درجات من التقدم " بحسب مقدار الإيمان بالروح الواحد
نفسه" (رو3:12، 1كو9:12)، إذ يكون واحد أكثر غنى من الآخر. والكتاب يقول
" إن من يتكلم بلسان.. يتكلم بروح الله" (1كو2:14). فهو إنسان روحاني
يكلم الله. " وأما الذي يتنبأ فيبنى الكنيسة" (1كو4:14) وهذا الأخير
عنده قدر أكبر من النعمة. فالأول يبنى نفسه فقط، أما الثاني فإنه يبنى الكنيسة
أيضاً.
وهذا
يُشبه حبة الحنطة التي تُزرع في الأرض. فنفس الحبة في نفس الأرض تنتج حبوباً كثيرة
ومختلفة. وأيضاً سنابل القمح بعضها كبير والبعض الآخر صغير ولكن كلها تُجمع معاً
إلى بيدر (جرن) واحد، وإلى مخزن واحد. ورغم أن الحبوب مختلفة إلاّ أنه يُصنع منها
خبز واحد.
2 ـ وكما أنه يوجد في المدينة جموع من الناس، بعض منهم أطفال والبعض رجال والبعض
شبان أحداث ولكنهم جميعاً يشربون من ينبوع واحد ويأكلون من خبز واحد ويستنشقون
هواء واحد؛ أو في حالة المصابيح فهناك مصباح له فتيلتين وآخر له سبعة، ولكن حيثما
تكون فتائل النور أكثر عدداً فهناك تكون الإضاءة أكثر.
هكذا كل الذين هم في النور لا يمكن أن يكونوا في الظلمة، ولكن توجد بينهم درجات
مختلفة في النور. وإذا كان لأب ابنان أحدهما طفل والآخر شاب، فإنه يرسل الشاب إلى
المدن والبلاد الغريبة، أما الطفل فإنه يحفظه دائماً تحت رعايته لأنه لا يستطيع أن
يفعل شيئاً. والمجد لله آمين.له آمين.