الاستشهاد فى المسيحية

  تمهيد

  أثر الديانة الوثنية على العقلية الرومانية

  أسباب اضطهاد الدولة للمسيحيين

 المسيحى فى الدولة الرومانية

 صور من الشهداء:

    1ـ القديس بوليكاربوس أسقف سميرنا

    2ـ القديس أغناطيوس حامل الإله

    الشهيدة بربيتوا

    شهادة القديس يعقوب المقطع

    أريانوس والى أنصنا

    الكتيبة الطيبية

 المسابقة

 

 
 

 

 
 

   تمهيد:

 دخلت المسيحية الناشة مع الوثنية العجوز العاتية فى صراع طويل مرير قرابة 3 قرون من الزمان... لماذا كانت كل هذه المدة... لماذا لم ينشر المسيح إنجيله بدون مقاومة؟؟

لقد بدأت سلسلة هذه الحروب ضد المسيحية فى روما ذاتها تحت قيادة نيرون، وانتهت على بعد ميل واحد من روما على يد قسطنطين.. كان القصد من هذه الحروب الطويلة إبادة المسيحية وملاشاتها؛ لكنها ـ على العكس ـ كانت سبباً فى تنقيتها وإظهار فضائلها، ونماذج من بطولة اتباعها، الأمر الذى أدى إلى انتشارها أكثر، بدخول كثيرين من الوثنيين فى الإيمان المسيحى. وقد عبر عن هذا ترتليانوس وهو الذى عاضر الاضطهادات دون أن يرى نهايتها بقوله: "دماء الشهداء بذار الكنيسة."

 UP

أثر الديانة الوثنية على العقلية الرومانية

لا يمكن فهم موضوع تحدى الإمبراطورية  الرومانية الوثنية الضاربة فى القدم للديانة المسيحية الناشئة مالم نفهم نفسية الإنسان الرومانى من جهة الدين والآلهة التى كان يتعبد لها وأثرها فى حياته.

فى الحياة الخاصة: كان الدين يتدخل فى كل علاقة وحركة فى حياة الإنسان الوثنى وأسرته وحياته العامة.. حينما يولد ويتزوج ويموت يجب عليه أن يستعطف الآلهة ويترضاها لئلا يؤذونه أو فى القليل لا يسببون لـه حزناً (الآلهة يسترضيها ليأمن شرها أو يسترضيها لتعطيه الخير) ... لذا كان فى كل مكان تصطدم العيون بصور الآلهة الوثنية..

فى الحياة العامة: نفس الفكرة المسيطرة.. الآلهة أحياناً تحمى الإنسان حماية ممتازة وأحياناً تكون ألد أعدائه.. لذا فإنه لم يكن يجرؤ أحد على الاطلاق أن يأتى أى عمل عام أو خاص دون أن يكون واثقاً من أن الآلهة راضية عنه. 

UP

أسباب اضطهاد الدولة للمسيحيين

المسيحية أتت بمفاهيم جديدة عما درج عليه العالم القديم.

1ـ الديانة ليست مجموعة من العبادات يكررها الإنسان دون أن يرى أى معنى فيها.. سلسلة من الصيغ غير المفهومة فى غالب الأحوال لتقادم لغتها.. أصبحت الديانة الجديدة تقدم مجموعة تعاليم مفهومة وموضوعاً عظيماً معروضاً للإيمان.. لم تعد مادة بل روحاً.

2ـ لقد غيرت المسيحية طبيعة العبادة وشكلها. لم يعد الإنسان يعطى الإله المأكل والمشرب .. ولم تعد الصلاة صيغة لتعزيمة سحرية.. بل أصبحت عملاً من أعمال الإيمان...

3ـ لم يعد هناك أجانب أو غرباء بالنسبة لإله المسيحيين. لم يعد الأجنبى دنس المعبد أو ينجس القربان لمجرد حضوره.. بل صار إله المسيحيين هو إله وأب لكل من يؤمن

4ـ لم يعد الكهنوت وراثياً لأن الديانة لم تعد موروثة.. لم تعد العبادة سراً محفوظاً.. كانت المسيحية تبحث حتى عن أقل الناس اعتباراً عن المزدرى وغير الوجود.

5ـ لم تعد الديانة تأمر بالبغضة للشعوب الأخرى (الغريبة) بل العكس جعلت من جوهرها أن تعلمه أن يحب الغريب والضيف والعدو... وأن كل الشعوب من أصل واحد وأنه ليس عبد ولا حر فى المسيح يسوع. وأن فى كل أمة الذى يتقيه ويصنع البر مقبول أمامه.

6ـ كانت المعبودات الوثنية معبودات محلية.. حتى اليهودية كانت مغلقة على اليهود.. أما المسيحية فوصية المسيح واضحة: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس..."

7ـ وأن المسيحية علمت أنها الديانة الوحيدة الحقة. وأن المسيحية علمت بفصل الدين عن الدولة. وأن الحماس الشديد للروحانية هو السمة للمسيحين أكثر من النشاط الاجتماعى "الملاهى والمسارح...

لاننا لم نتبع خرافات مصنعة اذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح و مجيئه(2بط1: 16)

UP

المسيحى فى الدولة الرومانية

1ـ خطورة وضعه: كان من الصعب على المسيحى أن يفلت من أعدائه. حياته اليومية تكشفه أنه مسيحى.. وهذا معناه أنه يجب أن يموت. الحذر يكشفه أكثر.. لأنه يمتنع عن أفعال اعتاد عملها.. فالآخرون يتساءلون لماذا توقف عن الذهاب معهم إلى الأعياد مثلاًً.. المناسبات الدينية الوثنية.... ومن هنا يبدأ الاضطهاد.

2ـ مشكلة الزواج المختلط: الزواج المختلط أن أحد الطرفين قبل الإيمان المسيحى، والطرف الآخر بقى على وثنيته. إن لم يقبل الطرف الآخر المسيحية فإنه كان يبلغ عن الآخر أنه مسيحى وهذا معناه الموت. إن خبأ إيمانه سلوكه يكشفه. المرأة تحملت أكثر فهى إن أرادت الانفصال عنه، يبلغ عنها أنها مسيحية حتى تقتل. وبشجاعة كانت تفضل مسيحيتها بعزة.

3ـ امتناعه عن بعض الحرف: كان على المسيحى ألا يشتغل بكل فروع الحرف التى لها صلة بعبادة الأصنام. كان على المسيحى ألا يشتغل ببيع الضحايا والقرابين وصناعة التماثيل. لم يكن هناك تردد فى الأمر؛ الحرفة التى تتنافى مع المبادئ المسيحية كانت تترك فى الحال. هذه الحرف كانت صاحبة أعلى دخل فى هذا الوقت.

4ـ خطورة المناصب العامة: كان ضربا من المستحيل بالنسبة للمسيحى أن يشغل منصبا عاماً.. حاكم؛ ضابط فى الجيش... كان عليه أن يقسم أقساماً وثنية، وأن يقدم البخور للإمبراطورـ عبادة الإمبراطور (كيف يعبد سيدين؟!) الطقوس الوثنية فى الأعمال.. خاصة الجيش.

حدث أن ترقى أحد المسيحين (الشهيد مارينوس) لرتبة قائد مائة؛ فتقدم زميل له يشتكيه أنه مسيحى. فأعطاه القائد 3ساعات للتفكير. فذهب للكنيسة فخيره الأسقف بين السيف والإنجيل فاختار الإنجيل. وثبت على الإيمان واستشهد.

5ـ المسيحية والغوغاء: الغوغاء من عامة الشعب يمنعون المسيحيين من الحياة اليومية الطبيعية مثل: استخدام الأسواق والحمامات العمومية. يحرمون ظهورهم فى أى مكان. قد يقتحمون بيوت المسيحيين ويسلبونهم. يثيرون القضاة على المسيحيين.

أمثلة من الشهداء: إن أردنا أن نتعرف عن قرب لعينات من جهاد آبائنا وأمهاتنا وأخوتنا فبسهولة ممكن أن نبدأب قراء يومية للسنكسار لنجد شهداء وقديسين كبار وصغار، رجال ونساء، فى زيجة أو بتولية، فى العالم أو فى الدير. فلنبدأ فى حياتنا أن نقرأ يوم بيوم فى سنكسار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. لنتعلم من قوة آبائنا ونتشبه بإيمانهم.  

UP

صور من الشهداء

القديس بوليكاربوس أسقف سميرنا

 استشهد القديس بوليكاربوس أسقف سميرنا بأزميرسنة 167م. بدأ حياته في أواخر الجيل الأول المسيحي وتتلمذ للقديس يوحنا الإنجيلى، وهو الذي يعنيه الرب بقوله: "اكتب إلى ملاك كنيسة سميرنا. هذا يقوله الأول والآخر… أنا أعرف أعمالك و ضيقتك وفقرك مع أنك غنى وتجديف القائلين أنهم يهود وليسوا يهود بل هم مجمع الشيطان. لا تخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به. هوذا إبليس مزمع أن يلقى بعضا منكم فى السجن لكى تجربوا ويكون لكم ضيق عشرة أيام. كن أمينا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة" ( رؤ 2 : 8- 10 ) . وقد سافر القديس إلى رومية سنه 157م لاقناع أنيكسيتوس أسقف رومية بشأن عيد الفصح، ثم عاد وباشر أعماله الرعوية، وأقام علي كرسى الرعاية زمانا كبيرا حتى شاخ. ووضع مقالات كثيرة وميامر عديدة عن الميلاد المقدس، والموت والجحيم والعذاب، وعن العذراء القديسة مريم، وعن تدبيرات المخلص وغير ذلك. وجذب إلى الرب نفوسا كثيرة بتعاليمه المحيية.

ففى سنة 155م وفى عهد الإمبراطور بيوس Antoninus Pios اندلعت نار الاستشهاد مستعرة فى أزمير، فعذب عدد من المسيحيين، أو ألقى بهم للوحوش الضارية. وطالب الوثنيون بالبحث عن بوليكاربوس. وحين علم بذلك، رغب فى أن يبقى حيث هو فى أزمير، غير أن الأخوة حثوه على مغادرتها. فانسحب إلى بيت ريفى مع بعض الأخوة، حيث يصلى ليل نهار، من أجل الجميع، ومن أجل الكنائس فى أنحاء العالم.

وقبل القبض عليه بثلاثة أيام، بينما كان يصلى، أخذ فى غيبوبة، ورأى الوسادة التى تحت رأسه تحترق. فالتفت لمن حوله، وقال لهم: "لا بد وأن أحرق حياً". كان فى استطاعته الهرب. ولكنه أبى قائلاً: "لتكن إرادة الله". وقد أثار جلال شيخوخته (86عاماً)، وحضور ذهنه، إعجاب من حوله، وهو يحادث من جاءوا للقبض عليه.. طلب ممن أتوا للقبض عليه أن يتأنوا عليه ساعة ليصلى بمفرده، فوقف بصلى، وكان ممتلئاً نعمة وسلاماً.

طلب منه الجند أن يخرج أن يخرج معهم، ثم أركبوه حماراً… وفى الطريق التقى بهم ضابط الشرطة المكلف بإحضاره مع أبيه، فأركبه فى مركبته، وشرعا يقولان له: "ماذا يضرك لو قلت الرب قيصر، وقدمت البخور، وما إلى ذلك، وبذا تنقذ نفسك؟". لم يجب القديس على هذا الكلام، ولكن لما ألحا عليه قال: "إننى لا أستطيع أن أصنع ما تشيران به علىَّ" وإذ فشلا فى إقناعه، هدداه وأهاناه، ودفعاه إلى أسفل بشدة من المركبة فجرحت ساقه، ودون أن يلتفت إلى الخلف، أكمل سيره إلى الملعب، حيث كان الوالى وجمهور كثير من الوثنيين هناك.

وبينما هو داخل إلى الملعب، جاءه صوت من السماء يقول: "تقو يا بوليكاربوس وكن رجلاً".

          "…تقدم نحو الحاكم ولما تأكد من شخصيته أنه هو بوليكاربوس، حاول أن يستميله بقوله:

- وقر شخصيتك. واقسم بعبقرية قيصر وقل "ليهلك الكفار". ثم حثه الوالى أن يحلف ويلعن المسيح ليطلقه، فأجاب بوليكاربوس:

+ لقد خدمت المسيح ستة وثمانين عاماً، ولم يصنع بى شراً، فكيف أجدف على ملكى الذى خاصنى؟"

وعاد الوالى وألح وقال: "اقسم بعبقرية قيصر"، فأجاب بوليكاربوس:

+ لا تظن إنى سوف أقسم بعبقرية قيصر كما تطلب، كأنك لا تعرف حقيقتى: إنى مسيحى. وإذا كنت على استعداد لمعرفة العقائد المسيحية، فاسمح لى بيوم لتسمعنى فيه.

فقال الوالى : إقنع الشعب.. وإن لم تعدل عن رأيك فسألقيك للوحوش المفترسة، أو أحرقك بالنار.

+ إنك تهدد بالنار التى تحرق لوقت قصير، وبعد ذلك تخمد، وذلك لأنك تجهل نار العقاب الأبدى المعد للأشرار. ولكن لماذا تتوانى؟ افعل ما تريد.

وبينما كان يقول هذه الأقوال وغيرها، كان ممتلئاً شجاعة وفرحاً، وكان منظره يفيض بالنعمة. حتى أن الوالى تملكته الدهشة، وأعلن ثلاث مرات وسط الملعب: "لقد اعترف بوليكاربوس أنه مسيحى". وللحال صاح المجتمعون ـ وثنيين ويهود ـ "هذا هو معلم آسيا كلها وابو المسيحيين، مبدد آلهتنا، الذى يعلم كثيرين ألا يضحوا لها أو يعبدوها".. واستمروا فى صياحهم.. وأخيراً صدر الحكم بحرقه حياً. أسرع الوثنيون ـ وكان يساندهم اليهود بحماس عجيب ـ وجمعوا الحطب والأخشاب، ليضرموا ناراً شديدة. ولما حاولوا تسميره على خشبة، حتى لا يتحرك من حريق النار قال لهم: "اتركونى هكذا فإن الذى وهبنى قوة لكى أحتمل شدة حريق النار، هو نفسه سيمنحنى قوة أن أبقى هادئاً وبلا حركة بدون مسامير".

وهكذا لم يسمروه بل اكتفوا بتقييده ووضع يديه خلف ظهره فربطوهما وصار مثل حمل كريم من قطيع عظيم، وقرباناً بل محرقة مستعدة مقبولة لدى الله، أما هو فنظر إلى فوق إلىالسماء وقال:

+ "أيها الرب الإله ضابط الكل أبو ابنك المحبوب وفتاك المبارك يسوع المسيح الذى به تقبلنا معرفة كاملة عنك. أنت إله الملائكة والقوات وكل الخليقة وكل عشيرة الصديقين الذين يعيشون فى حضرتك. أباركك لأنك منحتنى فى هذا اليوم وفى هذه الساعة أن أُحسب فى عداد شهدائك، وأن أشترك فى كأس مسيحك للقيامة لحياة الأبد للنفس والجسد فى عدم الموت الذى للروح القدس. ليتك تقبلنى اليوم مع مصاف شهدائك لأكون فى حضرتك ذبيحة ثمينة مقبولة، لأنك أنت الإله الحق الذى لا يكذب، وقد سبقت وأعلنت (هذا الاستشهاد) يا إله الكل ورب الكل.. لأجل هذا أسبحك وأباركك وأمجدك فى رئيس الكهنة السماوى الخالد والأبدى يسوع المسيح. فتاك المحبوب الذى به لك المجد معه ومع الروح القدس الآن وكل آوان وإلى دهر الدهور كلها أمين". 

ولما انتهى من صلاته تقدم إليه الجنود وأوقدوا النار "واشتعلت النار مستعرة، وإذ بنا نرى عجباً، اتخذت النار شكل قوس كبير، أشبه بشراع سفينة ملأه الريح، فأحاط بجسد الشهيد كأنما هو جدار. ووقف الرجل وسط النار ـ لا كجسم يحترق ـ بل كخبز ينضج، أو أشبه بذهب أو فضة ينقى فى فرن. وشممنا عبيراً حلواً كأنما قد انتشر فى الجو حولنا عبير بخور أو طيب ثمين".

          ويروى أن المكلفين بإحراق القديس، أصابهم القلق لبطء النار فى التهام جسده، فأمروا جلاداً أن يغمد خنجراً فى جسده..ولما فعل ذلك تفجر الدم غزيراً فأطفأ النار. وتعجب الجمع وقالوا إنه لم يكن رجلاً كسائر البشر. وجمع الأخوة فى أزمير حطام عظامه، ووضعوها فى المكان اللائق. وتناقلت الكنائس وصف استشهاده، الذى كتبه مسيحيو أزمير حتى تشارك جميع الكنائس فى تمجيد الله.

 ولما أثار مرقس أوريليوس الاضطهاد علي المسيحيين ضيقوا الخناق علي القديس قائلين: "احلف فنطلق سراحك. اشتم المسيح". فأجاب بوليكاربوس قائلا: "ستة وثمانين سنة خدمته ولم يفعل لي ضررا فكيف أجدف علي ملكي الذي خلصني؟"

ثم قال له الوالي: "إن كنت تستخف بالوحوش، فسأجعل النيران تلتهمك إلا إذا تبت". فقال القديس بوليكاربوس: "إنك تهددني بالنار التى تشتعل ساعة وبعد قليل تنطفئ. لأنك لا تعرف نار الدينونة العتيدة والقصاص الأبدي المحفوظ للأشرار، ولكن لماذا تتباطأ. أفعل ما بدا لك".

وبعد اضطهادات مريرة وتهديدات عديدة أراد هذا القديس أن يسفك دمه علي اسم المسيح. فأوصى  شعبه وعلمهم أن يثبتوا في الإيمان وعرفهم أنهم سوف لا يرون وجهه بعد ذلك اليوم، فبكوا وتعلقوا به محاولين منعه، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك أما هو فذهب واعترف بالرب يسوع، وبعد عذابات كثيرة نالها أمر الوالي بقطع رأسه ونال إكليل الحياة. وأخذ بعض المؤمنين جسده وكفنوه ودفنوه بإكرام.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا. أمين.

UP

القديس أغناطيوس حامل الإله

استشهد القديس اغناطيوس. في رومية سنة 107م. هذا الذى انتخبوه أسقفاً علي إنطاكية بعد القديس بطرس الرسول في سنة 69م وذلك في عهد الملك تراجان الذى لما علم أن هذا القديس قد اجتذب بتعاليمه كثيرين إلى الإيمان بالسيد المسيح استحضروه وسأله: "هل أنت أغناطيوس الثيئوفورس؟" فأجابه: "أنا هو." فاستفهم منه عن المعنى المقصود من اسمه. فأجابه معناه: "حامل الله." فقال له: "أتظن أننا لا نحمل آلهتنا لتنصرنا في الحروب؟" فأجابه: "كيف تكون تلك التماثيل آلهة؟ أعلم أنه لا إله إلا الله وحده الذى خلق السماء والأرض، وابنه يسوع المسيح الذى تجسد ليخلص البشر، فلو كنت تؤمن به لكنت  في هذا الملك سعيدا."

فحاول الإمبراطور إغراءه لترك المسيحية فرفض، فاستشاط غضبا، وأمر أن يقيد بالسلاسل، ويؤخذ إلى روما ليلقى للوحوش. فبادر أغناطيوس بتقبيل السلاسل، التى ستكون وسيلة إلى نواله إكليل الشهادة. وقد سعى المؤمنون أن يخلصوه بدفع أموال للجند، فرفض لأنه كان متعطشا للاستشهاد.

وذهب في طريقة إلى أزمير وكتب منها رسالة للمسيحيين بروما، من فقراتها: "أخشى أن تكون محبتكم ضرراً. فإذا أردتم أن تمنعوا الموت عنى فلا يعسر عليكم ذلك. ولكن ائذنوا لى أن أذبح حيث أعد المذبح.. إنني حنطة ينبغي أن أطحن لأكون خبزاً يقدم ليسوع المسيح.. وحيثما لا تعود تشاهدني ألحاظ البشر. أشاهد أنا ربنا يسوع المسيح."

ولما وصل إلى روما طرحوه للوحوش فهجم أسد وأمسكه من عنقه، فأسلم الروح بيد الرب، ثم تركه الأسد وعاد إلى مكانه، فحمل بعض المؤمنين جسده بإكرام عظيم إلى مكان أعدوه له فى إنطاكية.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.

UP

الشهيدة بربيتوا

عاشت بربيتوا فى مدينة قرطاجنة فى شمال أفريقيا فى أواخر القرن الثانى وأوائل القرن الثالث لميلاد المسيح. كان والدها وثنياً، أما والدتها فكانت مسيحية لذلك علمت أولادها مبادئ المسيحية ولكنها لم تستطع أن تعمدهم خوفاً من زوجها الوثنى. ولما بلغت بربيتوا عامها الحادى والعشرين زوجها والدها بشاب وثنى غنى جداً . وكانت بربيتوا تذهب مع أخيها وآخرين ليتعلموا الكتب المقدسة فى الكنيسة كموعوظين للاستعداد للمعمودية دون علم زوجها الوثنى. ثم رزقها الرب طفلاً بعد عام من زواجها.

فى عام 203م خلال الاضطهاد الذى أثاره الإمبراطور ساويرس ضد المسيحيين ، ألقى مينوسيوس والى أفريقيا القبض على خمسة مؤمنين كانوا فى صفوف الموعوظين ... أما بربيتوا فتركت طفلها الرضيع واقتادوها إلى السجن مع الباقين. وكان والد بربيتوا يحبها جداً ويوليها اهتماماً خاصاً. فذهب إليها فى السجن وهو يبكى محاولاً التأثير عليها عاطفياً وإرجاعها معه. فقال لى: "هل يسرك ما أنت فيه الآن يا بربيتوا؟ هل نسيت طفلك الرضيع الذى هو فى أشد الاحتياج إليك، فاشفقى على شيخوخة والدك وعودى معى إلى بيتك". فقلت له: "يا أبى أنا لن أقبل أن يكون لى اسم آخر سوى أن أدعى مسيحية". فغضب والدى جداً وهجم علىَّ يريد اقتلاع عينى ولكنه تراجع واكتفى بإن هزنى هزاً عنيفاً ثم تركنى..وفى تلك الأيام جاءنا كاهن ونلنا جميعاً سر المعمودية المقدس ونحن فى السجن".     

تقول بربيتوا: "لما دخلنا السجن هالنى ما به من ظلمة وضيق لأننى اعتدت على الرفاهية والراحة، كما كان زحام الزنزانة يؤلمنى جداً و يجعلنى أشعر بالاختناق. وكانت معاملة الجنود قاسية جداً ليس فيها أى نوع من الشفقة. وزاد على ذلك كله قلقى الشديد على طفلى الرضيع. ثم استطاع إثنان من الشمامسة هما ترتيوس وبومبونيوس أن يدفعا للجند مالاً نظير تغيير الزنزانة بأخرى أوسع منها.

وفعلاً تم لنا ذلك. ثم أحضروا لى طفلى الصغير لأرضعه وجاءت أمى وأخى فشجعتهما على الثبات فى الإيمان إلى النفس الأخير ثم تركت الطفل معهما ليتولوا العناية به. وحصلت على إذن من المسئولين لكى يحضروا لى طفلى لأرضعه من حين لآخر فزال قلقى من جهته وأصبح السجن بالنسبة لى بمثابة مكان مريح وفسيح حيث أنطلق فى الصلاة والتسبيح دون عائق".

افتقدها أخوها فى السجن وصار يحدثها بأنها تعيش فى مجد، وأنها عزيزة لدى الله بسبب احتمالها الآلام من أجله، وقد طلب منها أن تصلى إلى الرب ليظهر لها إن كان الأمر ينتهى بالاستشهاد. بكل ثقة وطمأنينة سألت أن يحضر إليها فى الغد لتخبره بما سيعلنه لها السيد. وظلت بربيتوا تصلى طوال الليل من أجل أن يعلمها الرب بما سيحدث. وبالفعل قبيل الفجر غلبها النوم للحظات قليلة فرأت رؤيا سماوية عجيبة

"رأيت سلماً ذهبياً عالياً جداً يصل رأسه إلى السماء وكان هذا السلم ضيقاً جداً، وبالكاد يصعد عليه واحد فقط. وكانت توجد أسلحة كثيرة وسيوف وخناجر ورماح على جانبى السلم. ومن يصعد على هذا السلم دون احتراس كانت هذه الأسلحة تمزقه تمزيقاً. وكان هناك تنين هائل يقف على أول درجة من السلم من أسفل، فكان يخيف كل من يقترب لكى يصعد على هذا السلم. ثم رأيت ساتيروس الشماس الذى كان يعظنا ويعلمنا الكتب المقدسة وهو يصعد وحينما وصل إلى قمة السلم قال لها: "بربتوا ..إنى فى انتظارك. ولكن احذرى التنين لئلا يفترسك". فقلت له بشجاعة: "باسم يسوع المسيح لن يضرنى". ثم نظرت إلى التنين وإذ به لا يستطيع الحركة وخفض رأسه حتى الأرض ولم يعد قادراً على أى هجوم. فتشجعت ودست على رأسه بعد أن رشمت عليه علامة الصليب بقدمى كأنه أول درجة فى السلم فلم يؤذنى. ثم رأيت فردوساً جميلاً وفى وسطه إنسان طويل القامة، شعره أبيض كالثلج وملابسه بيضاء، وكان يسقى الحملان لبناً وحوله ألوف متسربلين بثياب بيض. فلما رآنى قال لى: "مرحباً بك يا صغيرتى بربيتوا" . ثم أعطانى كعكة حلوة المذاق جداً فأخذتها وأكلتها وسمعت كل الذين حوله يقولون بصوت واحد "أمين" . فاستيقظت على الفور وأنا أشعر بحلاوة تملئ حلقى ، فعلمت أنه ينبغى أن أتألم كثيراً من أجل المسيح ومن وقتها لم يعد لى أمل فى هذه الحياة الدنيا".

تقول بربيتوا : "بعد عدة أيام ترددت أنباء أنه سيتم استجوابنا (بربيتوا ومن معها) ولما علم والدى بالخبر حضر إلىَّ والألم واضح على محياه ووجهه يعتصر من الألم.. وكان فى حزن مميت وقال لى: ابنتي الحبيبة بربيتوا. ارحمي شيبتي.. ارحمي شيخوختي. أشفقي على أبيك. إن كنت بعد أستحق أن أكون أبوك لقد ربيتك بهاتين اليدين، لقد أحببتك وميزتك على سائر اخوتك.. لا تحتقرى مشاعرى وتسلمينى إلى مذمة الناس اذكري أمك واخوتك.. وابنك الرضيع الذى لن يستطيع أن يعيش بدونك..اتركى عنك هذا الكبرياء ..ولا تكونى سبباً فى ضياعنا جميعاً لأنه لن يجرؤ أحد على رفع صوته إذا وقع عليك أى عذاب..

كان والدى يتكلم هكذا لفرط محبته لى . وكان يتكلم وهو يقبل يدى ويرتمى على قدمى وهو ينادينى "يا سيدتى" بدلاً من "يا ابنتى" وأعترف أنه اعترانى حزن شديد لأنه لن يستطيع أن يفرح باستشهادى على اسم المسيح".

فى اليوم التالى صدر أمر بمحاكمة بربيتوا ومن معها على يد الحاكم هيلاريان. ولما جاء دور بربيتوا دخل والدها مسرعاً ومعه الطفل الصغير للتأثير عليها فلما رأى الحاكم هذا المشهد المؤثر جداً قال لها: "ارحمي طفلك هذا واسجدى للآلهة وأنا أطلق سراحك على الفور". ولكن بربيتوا كانت قوية جداً فى ردودها على الحاكم الذى حاول أن يعدها بغنى ومركز عال وكان يلاطفها كثيراً. ولما لم يفلح معها الحاكم أمر أن تلقى للوحوش المفترسة. فوضعوهم فى السجن يوماً آخر ظانين بذلك أن بربيتوا بعد أن عرفت مصيرها، سوف تتراجع من الخوف هى ومن معها.

تقول بربيتوا: "فلما عدت لكى أرضع ابنى، عاد إلىَّ الشماس بومبونيوس يخبرنى بأن أبى رفض أن يعيده إلىَّ …وكأن هذه هى إرادة الله.. فلا الطفل عاد يطلبنى ولا صدرى عاد يدر اللبن..!! فتوقف قلقى فى الحال وزال الألم الذى كان يعاودنى فى صدرى من جراء إنحباس اللبن.. وأحسست أن روحى حرة طليقة من كل رباطات جسدية بدون عذاب". وكان الحاكم هيلاريان قد أمر بجلد بربيتوا ومن معها ثم وضعها فى السجن إلى الغد. ورأت بربيتوا هذه الرؤية وهى فى السجن تصلى إذ قالت: "رأيت بومبونيوس الشماس وكان يرتدى تونية بيضاء بدون البطرشيل ويحتذى حذاءً غريباً من الذهب والفضة وقال لى: "نحن فى انتظارك يا بربيتوا". ثم أخذنى من يدى ومشينا فى بلد مقفر حتى وصلنا إلى الساحة ثم تركنى بعد أن شجعنى بأنه سوف يكون معى. وجاءت حشود من الناس لمشاهدتنا، ولما لم أر أمامى وحشاً واحداً مفترساً تعجبت لأن الحكم صدر بأن ألقى للوحوش المفترسة، ثم ظهر شخص قبيح المنظر جداً ومعه كثيرون كانوا يضايقوننى ويحاربوننى بطرق شتى. ثم رأيت على الجانب الآخر حشداً هائلاً من رجال أتقياء يشجعوننى ثم رأيت أن جسمى كله مدهون بالزيت وأصبحت رجلاً لا إمراءة. فتقدم رجل بيده صولجان وسعف النخل وفيه تفاحات من ذهب، فصمت الجميع ليسمعوه ثم نظر إلىَّ وهو يشير إلى المارد القبيح المنظر وهو يقول: "إذا استطاع هذا المارد أن يغلبها فليقتلها بسيفه، أما إن استطاعت هى أن تغلبه فلتتقدم لتأخذ سعف النخل". فاقترب نحوى وحاول مصارعتى بكل قوته، أما أنا فأقدمت عليه وضربته بقبضة يدى. فبادلنى الضرب وحاول أن يمسك رجلى ليسقطنى على الأرض أما أنا فطفقت أصارعه بقوة رب الجنود ، وأحسست إنني أرتفع فى الهواء فوق مستوى الأرض، فأصبحت فوقه وضربته بقوة كأنى لست بشراً .. ولكى لا تدوم المعركة طويلاً أخذت أضربه بكلتا يدى ولما قبضت على رأسه دفعته فسقط على وجهه، فأسرعت ودست رأسه. وحينئذ توجهت إلى رئيس المحفل حيث أخذت منه سعف النخل فقبلها وقال: "سلام لك يا بنيتى". ثم وجدت نفسى أتقدم إلى باب الحياة لأدخل منه ولما استيقظت، علمت إن جهادى هو مع الشياطين مع قوات الظلمة و ليس مع الوحوش الضارية". كان هذا آخر ما كتبته بربيتوا بخط يدها قبل ذهابها إلى الاستشهاد.

أما فيليستى فكانت فى العشرين من عمرها. وكانت متزوجة حديثاً وكانت على وشك الولادة. فلما علمت أن يوم الاستشهاد قد اقترب وهى لم تلد. حزنت جداً لأن القانون الرومانى يحرم قتل الحبلى قبل ولادتها. فطلبت من الرب كثيراً ألا يحرمها من ذلك لكى تكون مع رفاقها، فولدت فى نفس هذا اليوم بنتاً فأخذتها إمرأة مسيحية لترعاها وتعتنى بها. ولما كانت فيليستى تصرخ وقت آلام المخاض قبل ولادتها مباشرة، قال لها حارس السجن: "إذا كنت لا تحتملين هذا الألم فكيف تحتملين أنياب الوحوش ومخالبها". فقالت له القديسة فيليستى: "إننى أنا التى أتألم الآن، أما غداً فسوف يتألم عنى آخر هو سيدى يسوع المسيح. اليوم القوة الطبيعية تقاوم الطبيعة، أما غداً فسوف تنتصر النعمة الإلهية على أشد ما أعددتم لى من العذابات".

ثم تناول الجميع وجبتهم الأخيرة فى السجن بل فى هذه الدنيا الزائلة وكان يعلو وجوههم فرح سماوى عجيب. ثم خرجوا من السجن إلى الساحة بقوة وشجاعة. فأمر الحاكم أن يرتدى الرجال ملابس كهنة الأوثان. أما النساء فيرتدين ملابس النساء الوثنيات.فرفضت بربيتوا بشجاعة أن ترتدى هذه الثياب.فَسُمِح لهم بدخول الساحة بملابسهم العادية.

بعد جلد بربيتوا ومن معها. أطلقوا الوحوش عليهم. وكان أول من استشهد هو الشماس الذى كان يعلم بربيتوا ومن معها. فقال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة للحارس: "قل لبربيتوا إننى سبقتها إلى المجد كما رأتنى فى الرؤيا". وهكذا نال إكليل الشهادة.

ثم أطلقوا بقرة متوحشة على بربيتوا فسقطت على الأرض ممزقة الثياب، فجمعت قواها بسرعة ونهضت لتجمع ملابسها الممزقة وتستر بها جسدها الذى شوهته الجراحات. وكذلك فعلوا مع فليستى، فهاجمتها بقرة متوحشة رفعتها إلى أعلى وطرحتها على الأرض بقسوة. ولما أفاقت قالت لبربيتوا: "متى سيلقوننا للوحوش؟" وكأنها لم تشعر بأى ألم كمن قد شهدت رؤيا سماوية..ثم تقدم أحد الجنود وضرب عنق بربيتوا بالسيف، فلم تمتها الضربة وسقطت على الأرض وسط بركة من الدماء الغزيرة. فرفعت يدها بجهد شديد وألم قاسى لتشير إلى السياف وتريه مكان الذبح فى الرقبة. فضربها ضربة قوية ثانية فصلت رأسها عن جسدها ونالت إكليل الشهادة.

 UP

شهادة القديس يعقوب المقطع

القديس يعقوب المقطع، وكان من جنود سكراد بن صافور ملك الفرس، ولشجاعته واستقامته ارتقي إلى أسمي الدرجات في بلاط الملك. وكان له لدي الملك حظوة وداله، حتى أنه كان يستشيره في كثير من الأمور. وبهذه الطريقة أمال قلبه عن عبادة السيد المسيح. ولما سمعت أمه وزوجته وأخته، أنه وافق الملك علي اعتقاده، كتبن اليه قائلات: "لماذا تركت عنك الإيمان بالسيد المسيح، وأتبعت العناصر المخلوقة، وهى النار والشمس. ألا فاعلم أنك إذا لبثت علي ما أنت عليه، تبرأنا منك وحسبناك كغريب عنا". فلما قرأ الكتاب بكي وقال: "إذا كنت بعملي هذا قد تغربت عن أهلي وجنسي، فكيف يكون أمري مع سيدي يسوع المسيح". ثم ترك خدمة الملك وانقطع لقراءة الكتب المقدسة

ولما انتهى أمره إلى الملك دعاه إليه، وإذ رأي تحوله أمر بضربه ضربا موجعا، وانه إذا لم ينثن عن رأيه يقطع بالسكاكين، فقطعوا أصابع يديه ورجليه، وفخذيه وساعديه، وكان كلما قطعوا عضوا من أعضائه يرتل ويسبح قائلا: ارحمني يا الله كعظيم رحمتك. ولما لم يبق من جسده إلا رأسه وصدره ووسطه. ولما علم بدنو ساعته الأخيرة سأل الرب من أجل العالم والشعب لكي يرحمهم ويتحنن عليهم، معتذرا عن عدم وقوفه أمام عزته بقوله:

"ليس لي رجلان لكي أقف أمامك، ولا يدان أبسطهما قدامك، وهوذا أعضائي مطروحة حولي، فأقبل نفسي إليك يارب". وللوقت ظهر لـه السيد المسيح وعزاه وقواه فابتهجت نفسه. وقبل أن يسلم الروح أسرع أحد الجند وقطع رأسه. فنال إكليل الشهادة . وتقدم بعض المؤمنين وأخذوا جسده وكفنوه ودفنوه .

فلما سمعت أمه وأخته وزوجته بذلك فرحن وأتين إلى حيث الجسد وقبلنه وهن يبكين، ولفنه بأكفان فاخرة، وسكبن عليه أطيابا غالية. وبنيت له كنيسة ودير في زمن الملكين البارين أركاديوس وأنوريوس.

UP

أريانوس والى أنصنا

القديس أريانوس والي أنصنا من أشهر من اضطهد وتفنن فى تعذيب المسيحيين. وفى أثناء تعذيب القديس ابلانيوس برميه بالسهام حدث أن ارتد سهم إلى عينه فقلعتها فقال له أحد المؤمنين: "لو أخذت من دمه ووضعت علي عينيك لأبصرت." فأخذ من دمه ووضعه علي عينيه فأبصر للوقت، وآمن بالسيد المسيح وندم كثيرا علي ما فرط منه في تعذيب القديسين. ثم قام وحطم أصنامه، ولم يعد يعذب أحدا من المؤمنين.

فلما اتصل خبره بالملك دقلديانوس استحضروه واستعلم منه عن السبب الذي رده عن عبادة آلهته. فبدأ القديس يقص عليه الآيات والعجائب التي أجراها الله علي أيدي قديسيه، وكيف أنهم في حال عذابهم وتقطيع أجسامهم كانوا يعودون أصحاء. فاغتاظ الملك من هذا القول، وأمر أن يعذب عذابا شديدا، وأن يطرح في جب ويغطي عليه حتى يموت.

فأرسل السيد المسيح ملاكه، وحمله من ذلك الجب، وأوقفه عند موقد الملك. ولما استيقظ الملك ورآه وعرف أنه أريانوس، ارتعب ودهش. ولكنه عاد فأمر بوضعه في كيس شعر وطرحه في البحر. ففعلوا به كذلك. وهنا أسلم الشهيد روحه

UP
 

الكتيبة الطيبية

سميت هكذا لأن أفرادها كانوا من مدينة طيبة (الأقصر) وكان قائد هذه الكتيبة هو القديس موريس. كانت هذه الكتيبة معروفاً عنها الشجاعة فى الحروب والجلد والإخلاص. ولما أعلنت بعض قبائل من فلاحى غاليا (فرنسا) العصيان على مكسيميانوس إمبراطور الغرب سنة 286م أرسل إليه ديوكلتيانوس هذه الكتيبة لنجدته..

بوصول هذه الكتيبة إلى إيطاليا، أرسل الإمبراطور قسماً إلى حدود غاليا ليرابط هناك، وقسماً آخر إلى الحدود السويسرية ينتظر هناك استعداداً للطوارئ.

قبيل المعركة كان لابد من أن تتم بعض الطقوس الدينية الوثنية طلباً لمعونة الآلهة للنصرة فى الحرب. لكن رجال الكتيبة رفضوا المشاركة فى هذه الممارسات الوثنية لأنهم كانوا مسيحيين.

أمر الإمبراطور جنوده الرومان بأن يصفوهم صفاً صفاً ويجلدوا كل عاشر فى مختلف الصفوف ثم يقطعوا رأسه بعد جلده. وهكذا قطع رؤوس عُشر جنود الكتيبة، كنوع من الإرهاب للباقيين. لكن هؤلاء حرروا لـه رسالة وقعوا عليها جميعاً جاء فيها: "أيها القيصر العظيم، نحن جنودك، لكننا فى نفس الوقت عبيد الله. نحن ندين لك بالخدمة العسكرية، أما الله فندين لـه بولاء قلوبنا. نحن نأخذ منك الأجر اليومى، أما الله فسننال منه الجزاء الأبدى..لا يمكننا بحال من الأحوال أن نطيع الأوامر المخالفة لله. إذا اتفقت أحكامك مع أحكامه فنحن ننفذها، أما إذا تعارضت فلن نقبلها، إذ ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس.. لسنا ثواراً، فالأسلحة لدينا، وبها نستطيع أن ندافع عن أنفسنا ونعصاك، لكننا نفضل أن نموت أبرياء، على أن نعيش ملوثين. ونحن على أتم استعداد لتحمل كل ما تصبه علينا من أنواع التعذيب، لأننا مسيحيون، ونعلن مسيحيتنا جهاراً."

وما أن قرأ مكسيميانوس هذا الخطاب، حتى أمر بقتل عُشر الكتيبة.. عاود المحاولة معهم ليبخروا للآلهة، لكنهم أبوا… حينئذ احتدم غضبه، وأمر بإبادة الكتيبة بأكملها أينما وجد أفرادها.. وهكذا أعمل الجنود الرومان سيوفهم فى رقاب الضباط والجنود المصريين، ولم يبقوا على أحد منهم.. وهكذا استشهدوا فى أماكن مختلفة بعضهم فى فرنسا وبعضهم فى مدن شمالى إيطاليا، والبعض فى سويسرا..وكان عدد جنود الكتيبة 6666.

UP

المسابقة

اكتب سير كل من

بوليكاريوس الذى قال:  لقد خدمت المسيح ستة وثمانين عاماً، ولم يصنع بى شراً، فكيف أجدف على ملكى الذى خاصنى؟"

أغناطيوس الذى قال:  "أخشى أن تكون محبتكم ضرراً. فإذا أردتم أن تمنعوا الموت عنى فلا يعسر عليكم ذلك. ولكن ائذنوا لى أن أذبح حيث أعد المذبح.. إنني حنطة ينبغي أن أطحن لأكون خبزاً يقدم ليسوع المسيح.. وحيثما لا تعود تشاهدني ألحاظ البشر. أشاهد أنا ربنا يسوع المسيح."

أمونيوس الأسقف والأم دولاجى وأولادها والأراخنة جباة الضرائب والسيدة الرشيدة

يوليوس الأقفهصى.. اكتب سيرته.

UP

 
   

Back

 
1