عودة للصفحة الرئيسيةفيلم الزوجة الثانية
سبق أن استشهدنا بفيلم الزوجة الثانية في معرض تناولنا لموقف السينما من القرءان والسنة، والآن نستشهد به في معرض تناولنا للشخصيات الأزهرية، فقد جسد الفيلم شخصيتين لهما دلالة خاصة : والفيلم كما أوردنا سلفا من تأليف أحمد رشدي صالح وإخراج صلاح أبو سيف ويدور حول عمدة عقيم “عتمان “ (يرمز للسلطة) يطمع في امرأة ولود لتنجب له ولداً يرثه، ويقع اختياره على “فاطمة” وهي امرأة في عصمة الرجل الفقير “أبو العلا”. يسعى “الشيخ مبروك” لتطليق المرأة من زوجها قهراً وعدواناً عبر عدة جولات من الترغيب والترهيب.
ويلفت انتباهنا أن الفيلم جعل الشخصية التي تحمل اسم “الشيخ مبروك” تسعى إلى تدمير رباط الزوجية المقدس وتسير في ركاب السلطة وتزين لها الشر والظلم. وقد كان من الممكن لصانع الفيلم أن يسند هذا العمل الإجرامي لأي شخصية أخرى لا تحمل لقب “ الشيخ “ أو تنتمي لدين آخر غير الإسلام ولكنها الأيديولوجية والدوافع النفسية هي التي تختار الضحية، ولكي تكتمل الدائرة يقدم الفيلم شخصية “ المأذون “ ـ الذي يحمل لقب “الشيخ” أيضاً ـ باعتباره متواطئاً في هذه الجريمة المثيرة للحنق والاشمئزاز، فهو يوافق على تطليق الزوجة عنوة ليزوجها من العمدة حتى قبل انقضاء العدة الشرعية، إنه تجسيد مقزز لرجل دين يبيع ضميره ودينه وينتهك شرع الله وحقوق الإنسان خوفاً من العمدة فقد رفض في البداية هذا التزويج قائلاً “لا يجوز حتى تمر فترة العدة 3 شهور قمرية” ولكن خفراء العمدة - وهم يرمزون إلى القوة العسكرية المساندة للسلطة - يلكزونه في ظهره ورأسه لإرهابه فيذعن ويزوجهما زواجاً باطلاً ومحرّماً. فماذا يحدث للمشاهد العادي حين يشاهد هذا الفيلم وأمثاله؛ إن عقله الباطن سيختزن مشاعر الكراهية والاحتقار والأفكار الدرامية المعادية “للشيوخ”. إن هذه المكونات الثقافية المعادية يزرعها السينمائيون في أعماق المشاهد ثم يتركونها لتشق طريقها إلى منطقة اللاشعور. وربما ينسى الفيلم ولكن الأفكار والمشاعر المدسوسة تظل كامنة في النفوس انتظاراً للحظة المناسبة لتعاود فرض نفسها على العقل والوجدان، وبهذه الطريقة تتشكل الاتجاهات المعادية للإسلام وثقافته بهدوء وببطء شديد وعلى المدى البعيد. عودة للصفحة الرئيسية |
فصل من كتاب: الاختراق الثقافي في السينما المصرية- تأليف الإذاعي/ مجدي صلاح أبوسالم |