أكزيما الأطفال التأتبي

Atopic Dermatitis

أكزيما الأطفال الوراثية

تعتبر أكزيما الأطفال الجلدية من الأمراض الشائعة ليس في منطقة الخليج أو العالم العربي فحسب بل في جميع أنحاء العالم ، وهذه الأكزيمة تلازم الطفل حتى سن معينة ويمكن أن تمتد بعد ذلك في قليل من الحالات ، وهذه الأكزيمة تسبب كثير من القلق والإرهاق وتوتر الحالة النفسية ليس للطفل وحده بل لباقي أفراد أسرته وبالأخص لوالديه ، فتعتقد الأم أن ابنها أو ابنتها مصاب بمرض خطير جدا سوف يؤثر عليه مستقبلا وقد يؤثر على حياته المستقبلية والعملية ، ونظرا" لانتشار هذا المرض بين فئات الناس فٌإننا سنقوم بشرح تفصيلي عن هذا المرض الذي يؤرق كثير من الأباء والأمهات متمنين أن نجد أجوبة لكثير من الأسئلة والاستفسارات التي يطرحها الأباء حول هذا المرض .

 

متى عرف هذا المرض ؟ تم التعرف على هذا المرض بواسطة الدكتور البريطاني Coca سنة 1923 عندما وجد هذا الطبيب علاقة وثيقة عند ظهور بثور وإحمرار وطفح جلدي في مناطق معينة بالجسم لدى أطفال مصابين بأرتيكاريا Urticaria ومرض الربو القصبي Bronchial asthma وكان يعتقد في السابق أن هذه الأكزيمة التي تصيب الأطفال ما هي إلا مرض منفصل ويسمى بالأكزيمة العصبية أو الأكزيمة النمية Neurodermatitis ليس لها علاقة بأمراض أخرى في جسم الطفل أو في أقارب هذا المريض ، وقد أجريت أبحاث كثيرة وعديدة لاحصر لها حتى الآن عن هذا المرض ومدى ارتباطه بالأمراض الأخرى وتبين أن للوراثة دورا" كبيرا" في حدوث هذا المرض ، وثبت بالبحث العلمي وجود علاقة وطيدة وأكيدة في ظهور هذا المرض ووجود مرض الربو أو الأرتيكاريا أو الصداع النصفي أو الجيوب الأنفية في الأسرة التي يعاني هذا الطفل من ظهور متكرر لطفح جلدي في أماكن معينة في جسمه وتؤكد دراسات وأبحاث كثيرة وجود العلاقة الوراثية لهذا المرض حيث ينتقل هذا المرض عن طريق الجينات ، وتكثر هذه الأكزيمه في العائلات التي تتزاوج من بعضها البعض ، ويعتبر هذا المرض شائع جدا" في منطقة الخليج نتيجة لأن كثير من الأسر الخليجية يتم التزاوج فيما بينها فقط محدثا" ظهور كثير من الحالات الشديدة و المزمنة ، وليست هناك إحصائيات دقيقة بالنسبة لحدوث هذا المرض في دول مجلس التعاون الخليجي ولكن هناك دراسات وإحصائيات بينت وأظهرت أن كثير من الدول الكبرى مثل إنجلترا مثلا" يحدث هذا المرض بنسبة 8 - 25% في عامة الأطفال وتعتبر هذه النسبة كبيرة نسبيا" ، وتحدث أكزيمة الأطفال الوراثية في الذكور أكثر منها في الإناث ولا يعرف حتى الآن سبب هذه الزيادة .

 

وقد يسأل البعض ما هي أعراض وعلامات أكزيما الأطفال وكيف تبدأ ؟ قبل الدخول في الإجابة على هذا السؤال سنقوم بالتحدث عن أنواع هذه الأكزيمه حيث أنها تنقسم إلى قسمين أكزيما الأطفال الرضع Infential atopic dermatitis وثانيا أكزيما الطفولة Childhood eczema وتبدأ أكزيما الأطفال الرضع بين الشهرين والسنتين من عمر الطفل بظهور حكة شديدة وجفاف واحمرار بالخدين ثم ظهور حويصلات مائية صغيرة لا تلبث أن تتمزق بعد فترة مشكلة بقعة رطبة محمرة بالوجه وقد تنتشر البقع بسرعة إلى أجزاء أخرى من الجلد وبخاصة فروة الرأس والعنق والجبهة والمعصمين وثنايات الساعد والساق وكثيرا" ما تصاب الآليتان بهذا الطفح , وتنقسم أكزيمه الرضع إلى ثلاث أنواع :-- الشكل الرطب - الشكل الدهني - الشكل الجاف ، ويكثر مشاهدة الشكل الرطب من أكزيمه الأطفال ، ويكون الطفح الجلدي متعدد الأشكال وتؤدي الحكة الشديدة وهي عرض تشخيصي رئيسي في هذه الأكزيمه إلى ظهور التهابات جلدية تصاحب هذه الأكزيمه مما يؤدي إلى تفاقم هذه الأكزيمه . وقد تتراجع أعراض أكزيمه الرضع في نهاية السنة الثانية من عمر المصابين وحتى قبل ذلك أحيانا" ، ويصبح هؤلاء بعد هذا السن قادرين على تناول الأطعمة التي يحتمل أنها كانت مثيرة لهذا الداء ، ويعتقد أن يكون للأطعمة دور في أكزيمة الأطفال الرضع ، وبخاصة في ظهورها المبكر ، ووجد أن أكثر هذه الأطعمة إثارة" للمرض هو بياض البيض والمأكولات المصنوعة من القمح والحليب والبرتقال والشوكولاته والطماطم والموز ، ويمكن للمواد المستنشقة كشعر القطط والكلاب والصوف ، الحرير ، الريش ، الغبار ، التسنين وبعد اللقاحات والتطعيم أن تثير المرض يتعرض المصابون بهذه الأكزيمه كثيرا" إلى التهاب الرئة ، وقد تتحسن هذه الأكزيمه جزئيا" أو كليا" في فصل الصيف وتسوء شتاء" وذلك لاستخدام الملبس الصوفي أو الرطوبة المنخفضة. 

 هذا ولا يزال يعتقد بوجه عام حتى الآن أن للطعام والحالة الوراثية دورا" مهما" في إثارة الأكزيمه وبخاصة التي تبدأ في السنة الأولى من عمر الطفل ، أما الحالات التي تبدأ إعتبارا" من السنة الثانية من العمر فلا يكون غالبا" للطعام دور فيها إنما يكون للمواد المستنشقة كالصوف ، الريش ، شعر القطط والكلاب دورا" أكثر أهمية في إحداث المرض ، وإذا تبين حدوث مغص متكرر بالبطن عند الطفل المصاب ، وذلك بعد تناوله لبعض الأطعمة ، فيجب حذفها من طعامه . أما أكزيمه الطفولة Childhood eczema فتبدأ بعد السنة الثانية من عمر الطفل المصاب بها وقد تمتد إلى سنوات بعد ذلك وتتميز هذه الأكزيمه بالجفاف الشديد في نفس المناطق التي ذكرت في أكزيمه الرضع وتميل إلى ظهور طفح جاف يسمى التشكلات الحطاطية بدلا" من الحويصلية ويصاحب هذا الطفح حكة شديدة لدرجة يفقد فيها الطفل المريض حس الألم أثناء الحك .

إذن ما هي التدابير العامة للوقاية وكيفية علاج هذه الأكزيمة ؟ يميل أطباء الجلد والأطفال حديثا" إلى منع إطعام الأطفال المصابين بهذه الأكزيمه من حليب البقر والأطعمة المصنوعة من القمح والبيض قبل الشهر السادس من أعمارهم على الأقل ، ولقد تبين أنه معدل الإصابة بهذه الأكزيمه قد خف قليلا" نتيجة لهذا الإجراء ، ويستعاض عن الأغذية المصنوعة من القمح بالأطعمة المصنوعة من الشوفان دقيق الشوفان ، البسكويت المصنوع من دقيق الشوفان او من الرز مطحون الرز ، الرز المسلوق ومن الشعير والذرة نشاء الذرة ، دقيق الذرة ، ورقائق الذرة ودقيق فول الصويا ، وقد يستعاض عن الحليب بمستحلب فول الصويا حيث يعد غذاء" كافيا" أو يستعاض عن حليب البقر بحليب الماعز المكثف ، وكما ذكرنا سابقا" أن هناك مؤثرات خارجية تساعد على إثارة الأكزيمه يجب أن نتجنبها ألا وهي الحرارة والرطوبة وعدم جعل الملابس الصوفية تلامس بشرة الطفل إلا بملابس قطنية داخلية كأن تكون عازل بين بشرة الطفل واللباس الصوفي ، وكذلك تجنب الاستحمام المفرط والدلك والفرك الشديدين ، حيث أن الماء والصابون قد يثير هذه الأكزيمه ويؤدي إلى زيادة في جفاف الجلد الموجود كما يؤدي إلى زيادة الحكة وزيادة الالتهابات وينصح باستخدام صابون خال من المواد الكيميائية واستبداله بصابون طبيعي من زيت الزيتون أو الزيت الصافي ، وكذلك تغسل ثيابه بهذا الصابون تجنبا" لوجود الصودا الكاوية في أكثر أنواع صابون الملابس ، وتنظف المناطق المصابة بالقطن المبلل بزيت الزيتون . ويجب تجنب الملابس الثقيلة والضيقة والملونة وقلة النظافة بخاصة في منطقة الحفاظ ، وتجنب الزيوت المطيبة للأطفال . وتوجه عناية خاصة للمناطق التناسلية ومناطق الآليتين حيث يبدل الحفاظ كلما اتسخ بحفاظ آخر جاف وذلك بعد أن يتم تنظيف المناطق التناسلية بالزيت المعدني Mineral Oil وذرها بمسحوق نشا الذرة . ويمكن إعطاء مضادات الهيستامين نسبيا" في بعض الحالات ، وتعطي منها الجرعة المناسبة وبشكل منتظم ويجب استخدام مرطبات الجلد مثل 10% اليوريا ، الفازلين ، مادة اللانوولين المعروفة الموجودة في كثير من مرطبات الجلد في الأسواق ، وينصح بعدم استخدام الكورتيزون الموضعي الا باستشارة الطبيب المختص حيث هناك تركيزات مختلفة منها القوي والمتوسط والضعيف ، ونحن ننصح في البداية ، أنه بالإمكان استخدام كريم 1% هيدروكورتيزون Hydrocortisone Cream 1% حيث انه أخف الأنواع التي يمكن أن تستخدم دون حدوث أي أعراض جانبية .

إعداد

الدكتور / فهد عبد الله إبراهيم

دكتوراه الأمراض الجلدية والتناسلية

مؤسسة حمد الطبية

 

1