الاستعمال الخاطئ للأدوية
تأثير الأدوية على الجلد
الطفح الدوائي
أن مما لا شك فيه أن الجلد هو أكثر أجزاء الجسم تأثرا باستعمال الدواء ، ويعتبر الطفح الدوائي أو الحساسية الدوائية من أكثر و أهم المواضيع الشائكة و المعقدة في ممارسة الطب على وجه العموم وفي فرع الأمراض الجلدية على وجه الخصوص ، وأن أغلب الأدوية التي يتعاطاها الناس يمكن أن تحدث طفح دوائي .
أن تفاعل الجسم للأدوية بطريقة غير عادية ما هو إلا حساسية أو رفض الجسم لهذا النوع من الأدوية ، حتى لو أعطي الدواء بطريقة صحيحة للمريض و بالجرعات المناسبة ويطلق على هذا النوع من الحساسية بالحساسية الدوائية أو الطفح الدوائي
Drug eruption .
و الطفح الدوائي يشابه تماما أمراضا جلدية كثيرة ، وقد يعطي صورة مشابهة لبعض الأمراض الجلدية الشائعة ومن هنا يطلق أطباء الجلد على الطفح الدوائي لقب المخادع الكبير
Great imitator ، لما لهذا الطفح من عدة أشكال و صور مختلفة ، ومن هنا لابد للطبيب أن يكون على علم و دراية بالأمراض الجلدية المختلفة و صورتها المرضية وطرق تشخيصها حتى يمكنه التفريق بين الطفح الدوائي الجلدي و الأمراض الجلدية التي تختلط صورتها بهذا الطفح .
أن هناك أضرار كثيرة و مؤكدة تصيب المريض الذي يتعاطى ويستعمل أدوية من غير أستشار الطبيب ، فأن كثير من الأدوية كما ذكرنا لها أعراض وعلامات جلدية كحكة شديدة بالجسم ، ويتعاطى كثير من الناس عقاقير لا يعتبرونها أدوية مثل الأسبرين و أدوية الصداع المختلفة و ملينات البطن و أقراص منع الحمل و المقويات و الفيتامينات لان معظمها لا يصرف باستشارة الطبيب وموجودة في جميع السوبر ماركت ، مما قد يسبب ظهور الطفح الدوائي ، وقد تكون صورة الطفح الدوائي ذات خاصية و نوعية محددة ، يمكن عند رؤيتها معرفة نوع الدواء المسبب لها .
وتوجد دلالات وعلامات يتميز بها الطفح الدوائي منها ، أن يكون الطفح سريع الانتشار ويأخذ مناطق واسعة من الجسم مصحوبا بحكة شديدة وبعض التغيرات في درجة حرارة الجسم .
وقد يظهر الطفح الدوائي على صورة التهاب جلدي و احمرار بسيط الى التهابات جلدية شديدة وبثور تغطي جلد الإنسان ، وقد يصل هذا الطفح في شدته الى أن يأخذ شكل الحروق الجلدية مع إصابة الأجهزة الداخلية وتعرف هذه الحالة بانحلال البشرة الانسمامي
Toxic epidermal necrolysis . وكذلك قد ينتج عن الطفح الدوائي إصابة الأغشية المخاطية بالجسم و الجهاز العصبي و البولي وخاصة الكلى .
وتختلف الصورة الإكلينيكية باختلاف الدواء المسبب لهذا الطفح ، فعلى سبيل المثال ، استخدام البنسلين و مركبات السلفا
Sulfa يمكن أن تؤدي الى ظهور طفح دوائي خطير للشخص الحساس لهذه المركبات فتظهر على شكل تورمات بالجلد وحول العين و الشفايف ( أرتكاريا حادة ) مع ظهور نزيف تحت الجلد وطفح جلدي مشابه للحصبة ، مع وجود التهابات جلدية مصحوبة بفقاقيع محددة على الأعضاء التناسلية .
أن الإسراف في استخدام الأدوية بدون استشارة طبية وخصوصا المضادات الحيوية و المسكنات و مخفضات الحرارة و المهدئات العصبية قد تنتج عنها أضرار كثيرة ، ولا يقتصر هذا فقط على استخدام الدواء عن طريق الفم بل أنه يمكن أن يحدث هذا الدواء إذا استخدم على شكل كريم أو مرهم موضعي أن يسبب تهيجا بالجلد ، حيث أن الجلد من أكثر أجزاء الجسم زيادة في الحساسية ، وقد يلتهب الجلد عند التعرض للضوء و الشمس بعد استعمال بعض الأدوية مثل مركبات السلفا و التتراساكلين المعروفة
Photosensitivity drugs . وفي هذه الحالات يغمق لون الجلد بعد الالتهاب و يصبح سريع التأثير بالضوء أو الشمس بعد ذلك مستقبلا .
لقد أكدت كثير من المقالات و الأبحاث أن الطفح الدوائي يحدث كتفاعل من الجسم الحساس لهذا الدواء ، والمقصود بالحساس أي الجسم الذي تعرض من قبل لهذا الدواء أو لمواد أخرى مشابهة له في التركيب الكيميائي و قام الجسم بإنتاج أجسام مضادة لهذا الدواء و التي تتفاعل بعد ذلك عند تعرضه له مرة أخرى ( أي عند تناول الدواء مرة ثانية ) . وعلى هذا الأساس فإن الحساسية للدواء لا تنتج عند تناوله أول مرة ، بل يمكن أن تحدث مرة أخرى بعد عدة أيام على الأقل من أول مرة .
أن هناك عوامل تساعد على ظهور و استمرار الطفح الدوائي لدى الشخص المصاب ، ومن هذه العوامل للاستعداد الوراثي و عامل السن فقد وجد أن الحساسية الدوائية لا تحدث عادة في الأطفال أو كبار السن ، وذلك لعدم قدرة الجهاز المناعي و الخاص بإنتاج مضادات الأجسام التي تتكون في جسم الشخص الحساس للدواء على تكوين هذه الأجسام بالقدر اللازم لأحداث هذه الحساسية . ومن العوامل الأخرى زيادة الجرعة المطلوبة لإحداث التأثير العلاجي لهذا الدواء عن طريق الخطأ أو زيادة في الاستعمال بواسطة المريض نفسه .
أن استخدام الأدوية موضعيا أو عن طريق الفم لبعض الأمراض الجلدية من غير استشارة الطبيب المتخصص يمكن أن يؤدي الى تفاقم حالة هذا المريض و تزداد سوا ، فمثلا إذا كان لدى المريض أكزيما ناتجة عن زيادة في الحساسية و أستعمل مضادا للفطريات ، فعندئذ يمكن لهذه الاكزيما أن تزداد أو تتضاعف . لأنه من المعروف أن أدوية الفطريات قد تكون مهيجة للجلد . و كذلك في حالات التينيا و الفطريات فقد يستخدم كثير من المرضى أدوية غالبا ما تحتوي على مادة الكورتيزون مما يجعل هذه الفطريات تزداد في النمو وتنتشر وتزداد سوا .
إعداد
الدكتور فهد عبد الله إبراهيم
قسم الأمراض الجلدية و التناسلية
مؤسسة حمد الطبية