المذيعات المسكفات

   

ما أن تلتقي مع مذيعة من مذيعات التلفزيون اللاتي يبهرنك بإطلالتهن على الشاشة الصغيرة إلى درجة تنسيك حتى اسمك, ألا وتبدأ هي بتعداد مواصفات المذيعة الناجحة و في مقدمتها الثقافة العامة وسرعة البديهة وفن إدارة الحوار والأداء إلى آخره من المواصفات التي يجب أن تتحلى بها كل من تريد امتهان هذه المهنة الصعبة, ولا تنس بطبيعة الحال أن تذيل كل هذه الصفات بالإطلالة الجميلة الهادئة المتزنة على اعتبار أن المذيعة تمثل أحد الأوجه المهمة للشاشة التي تطل من خلالها و أحد عناصرها الرئيسية. 

   وما أن تطل هذه المذيعة على الشاشة حتى تفاجأ أن كل ما تغنت به من مواصفات ما هو إلا كلام جرائد, فقد راحت اللغة تذبح على لسانها كما البعير, و أنها أبعد ما تكون عن سرعة البديهة والذكاء واللياقة في إدارة الحوار, وأن "سقافتها" لا تؤهلها لمعرفة الألف من كوز الذرة!!    ولمثل هذه المذيعة شبيهات على الشاشات العربية التي راحت توظف ما هب ودب من عارضات الأزياء وممن لا علاقة لهن بفن الإعلام وتحشرهن في برامجها كمذيعات ربط أو إدارة الحوارات الثقافية أو الفنية أو تقديم برامج على الهواء يتدنى فيها مستوى الحوار بشكل مثير للاشمئزاز, حتى أن بعض المحطات الفضائية راحت تسمي برامجها بأسماء مذيعاتها, إمعانا بالاستهزاء بالمشاهد وسعيا لإرساء قاعدة جديدة في العمل التلفزيوني المفرغ من أية مضامين

.    ومع أن المشاهد العربي عاطفي جدا بطبيعة تكوينه, فإنه يغفر لأمثال هذه المذيعة ما ترتكبه من أخطاء بحق ثقافته وفكره و لغته, ولكن عندما تتجاوز المسألة حدود كل ما هو معقول و مقبول, فإنها تصير تخريبا مقصودا, غايته تحويل الشاشة إلى أداة للترفيه و الترويج لثقافة بديلة تحمل قيما و عادات هجينة على مجتمعاتنا العربية, إمعانا في التضليل ومصادرة الوعي و صولا إلى تدمير كل القيم.     وأمثال هؤلاء "المذيعات المسكفات" كثر على ساحتناالإعلاميةالعربية, وهن المرشحات أكثر من غيرهن لغزو الشاشات, إن لم ينتبه المحطات لما يجري حولها من أحداث و متغيرات تهدف إلى السيطرة على أحد أهم وسائل التعبير والاتصال الجماهيرية, على الرغم من أن معظمها يبع جهات حكومية و الأمل أن تضع هذه المحطات مقاييس أفضل لاختيار مذيعيها و مذيعاتها, وأن تدقق في اختيارهم من خلال لجان متخصصة معروف عنها الالتزام و النزاهة, حتى لا نفاجأ بشاشاتنا تحكي بعشرين لغة أو لهجة , وتخلع ثوب العادات والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال.

 

 

البريد الإلكتروني      سجل الزوار    تصفح سجل الزوار    

 

1