تراب من القمر

 

 

دائما يحاولون "إستعباطنا" أو "استهبالنا" لأنهم يعتقدون أننا نجلس على كنوز و ثروات و نبذر أموالنا على أي شيء تافه وبلا قيمة, حتى ولو كان "كمشة" تراب.

قد تكون نظرتهم هذه إلينا صحيحة, بسبب تصرفات يقوم بها البعض من بذخ و تبذير و مشتريات بملايين الدولارات. لذلك نراهم دائما يبحثون عن صيد سهل أو ضحية تقع بين أياديهم فيسلخون جلدها بلا رحمة.

آخر ما وصلنا إعلان يقول"للبيع..تراب من القمر" و لمزيد من الإغراءات يقوا الإعلان "أن الكمية واحدة فقط, وهناك أقل من عشرة أشخاص في العالم يملكون مثل هذا التراب الذي أحضرته المركبة أبولو11".

إلى هنا كل شيء طبيعي, وغير الطبيعي في الأمر هو السعر, إن ثمن كمشة التراب القمري مليون و نصف دولار فقط, وإذا كان هناك عرض أفضل فلا بأس.

لا أعرف من سيشتري كمشة التراب هذه بهذا المبلغ الخيالي. أخشى أن يكونوا قد عثروا عليه و دفع المبلغ نقدا وعدا مع "حبة مسك" باعتبارنا أصحاب مكرمات ولا نرد صاحب الطلب إلا معززا مكرما, ونار المواقد لا تنطفئ عندنا, ومنا جاء حاتم الطائي الذي كان يذبح آخر فرخ دجاج لديه حتى لا يقال أنه بخيل.

لا أعتقد أن أحدا ضربت برأسه النخوة العربية و نفحهم مليون دولار ونصف. لا أصدق أن أحدا ما يملك ذرة من العقل و يقدم على هذا الأمر المجنون. إذ ماذا سيستفيد من تراب القمر إن كان كمشة أو حتى كيلو جرام أو طن من التراب..أو حتى جبلا؟؟ فقط كي يقول أنه يملك ترابا من القمر. ثم ما أدراه أن هذا التراب من القمر فعلا, وليس من أي مكان آخر, ومثله مثل أي تراب على وجه هذه الأرض.

إذا كان هذا الشخص لا يحتاج هذا المبلغ , فلماذا يشتري به كمشة من تراب القمر. من الأفضل له أن يشتري أجرا عند الله في الآخرة, و يقدم هذا المبلغ لآلاف الجياع في هذا العالم, في فلسطين والصومال و العراق و الشيشان..أو في أي بلد آخر..وما أكثر الذين يموتون جوعا في اليوم في هذا العالم .

مليون و نصف المليون دولار ليس بالهين, يمكن أن يعين شعبا على تجاوز محنته, يمكن أن يساهم في إعماربلد, يمكن أن يفتح دارا للعجزة و المحتاجين, أما أن يشتري به ترابا من القمر فإنه الجنون بعينه.

إن كمشة تراب من أي بلد عربي من المحيط إلى الخليج تساوي كل تراب القمر و المريخ و عطارد و زحل ومعها الذين يطلبون المليون و النصف دولار ثمن تراب من القمر.

أعتقد أننا بلغنا سن الرشد, ولم تعد تنطلي علينا مثل هذه الألاعيب والأكاذيب..أرجو ذلك.

 

البريد الإلكتروني      سجل الزوار    تصفح سجل الزوار    

 

 

1