1
ـ الفضيلة تنتصر
.
2
ـ
الخالة الضائعة
.
3
ـ امراتان ورجل
.
4
ـ صراع
.
5
ـ لقاء في
المستشفى
.
6
ـ مذكرات الحج
.
7
ـ ليتني كنت أعلم
.
8
ـ
بطولات المرأة المسلمة
.
9
ـ كلمة ودعوة
.
10
ـ الباحثة عن الحقيقة
.
11
ـ
المرأة مع النبي
|
www.geocities.com/imam-sadr
سيرة حياة الشهيدة
آمنة الصدر
(بنت الهدى)
آمنة الصدر (والمعروفة بـ بنت الهدى) هي أخت السيد محمد باقر الصدر ورفيقته في الجهاد. فقد
كانت من النشطاء السياسيين، والمدافعة عن حقوق المرأة في ظل الإسلام. وكان
لها الدور الرئيسي في مجال الدعوة الدينية والسياسية لمئات النساء في
العراق لتشجيعهم في الدخول في معترك الحياة السياسية والحركية. هذا
بالإضافة الى أنها كانت من الأدباء والتي نشرت لها العديد من القصص
الأدبية، وهي من الخطباء السياسيين التي كانت تقود الجماهير للنضال ضد
الظلم والديكتاتورية.
وقد نالت شرف الشهادة مع أخيها في نيسان عام 1980.
|
|
من هي العالمة الشهيدة ((بنت الهدى ))
ولدت
الشهيدة الخالدة آمنة بنت آية الله السيد حيدر الصدر ( بنت الهدى ) عام
1356هـ
1937م
في مدينة الكاظمية ، في بيت عريق في العلم والجهاد والتقوى . وكانت أصغر
شقيقيها
واختهما الوحيدة
.
ولم يختلف حالها عن حال باقي أسرتها في مكابدة الفقر
والحرمان ، وتحمل الصعاب والمشاق، بروح غمرها الإيمان والقناعة
بادنى ضروريات
الحياة .
لم تر بنت الهدى أباها و لا تتذكره وكأنها ولدت يتيمة، إلا أن الله
عز وجل عوضها عن ذلك بأخويها المرحوم السيد إسماعيل الصدر وشهيدنا الغالي
السيد
الصدر ـ رضوان الله عليهم جميعا ـ فقد أغدقا عليها حنانا ومحبة
تفوق ما
يتوقع
اليتامى ، وربياها بما لم يرب أب فلذة كبده .
تعلمها القراءة
والكتابة
تعلمت الشهيدة بنت الهدى القراءة والكتابة في البيت على يد والدتها
ـ رحمها الله ـ فكانت الأم هي المعلم الأول ، وكانت والدتها
تثني على ابنتها
وقدرتها على التعلم و الاستيعاب والفهم ، ثم استكملت مراحل تعليمها القراءة
والكتابة على يد أخويها ، وشمل ذلك علوم العربية في أكثر جوانبها ،حتى
تمكنت من
كتابة الشعر في السنوات المبكرة من عمرها
.
وكانت الشهيدة بنت الهدى ـ رحمها
الله ـ حريصة على تثقيف نفسها ثقافة إسلامية رفيعة ، سواء في مراحل حياتها
الأولى ،
أو فترة ما قبل الاستشهاد .
فتمكنت من توسيع أفق ثقافتها توسعا شاملا متعدد
الأبعاد ، وكتاباتها في مجلة الأضواء في تلك الفترة (1966 )
تعكس لنا جوانب من تلك
الأبعاد ، ذلك أن مجلة الأضواء التي كانت تصدرها جماعة العلماء في النجف
الأشرف لم
تكن منبرا الإ للنتاجات المتميزة فقط ، وكانت بنت الهدى ـ رحمها الله ـ من
أبرز من
كتب فيها بل كانت الرائدة الأولى في الكتابة و التأليف .
واذا لاحظنا
الكتابات الإسلامية التي تستهدف المرأة المسلمة ثقافيا وتربويا فسوف نجد
فراغا
كبيرا ليس من اليسير ملؤه ، إذ لا توجد كاتبات ولا كتابات إسلامية موجهة
للمرأة
تعالج مشاكلها الدينية والإجتماعية وتنهض بها ثقافيا وسياسيا ،
وتخلق فيها حالة من
الوعي لما يجري حولها يحصنها من الإنحراف والضلال ، من ملاحظة تلك الأمور
يمكن أن
ندرك أهمية الوعي الذي امتازت به الشهيدة بنت الهدى والذي جعلها تقدم على
خطوة
جريئة ورائدة في مجال الكتابة الموجهة والهادفة لتثقيف المرأة
المسلمة بما يضمن لها
كرامتها ويحصنها من الإنحراف والضياع
.
سلوكها داخل الأسرة
من الأمور التي يجب أن تعرف عن بنت الهدى سلوكها داخل البيت
والأسرة، لأنها كانت نمودجا قل نظيره في ما سطرته من خلق رفيع
خلال معايشة طويلة مع
والدتها وأخيها وابنة عمها أم جعفر حفظها الله، وللحق كانت السيدة أم جعفر
نمودجا
ضم الخصال الحميدة والخلق الرفيع في جانب، والتقوى والورع في جانب آخر،
وكيف لا
تكون كذلك وهى قرينة سيدنا الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ
وسليلة العلماء
الأبرار .
كان على الشهيدة بنت الهدى أن تقوم بعدة مهام في بيت أخيها وهي
:
1
ـ المهام والوظائف التي تقوم بها تجاه السيد الشهيد الصدر ، أو ما قد
يكلفها به في مجالات متعددة ، من تدريس أو إقامة ندوات ، أو إشراف مباشر
على مدارس
دينية أو غير ذلك .
2
ـ دورها في استقبال الضيوف من النساء ، والإهتمام
بتلبية حاجاتهن الفقهية والفكرية ، والمساهمة في حل مشاكلهن
العائلية والزوجية .
3
ـ دورها في تربية بنات السيد الشهيد تربية لائقة وصحيحة 4 ـ دورها في
خدمة والدتها المعظمة ـ رحمها الله ـ فقد كانت بحاجة إلى المزيد من العناية
والإهتمام بسبب كبر العمر ولما تعاني من أمراض متعددة .
5
ـ دورها في القيام
ببعض شؤون البيت بالمساهمة مع أم جعفر حفظها الله
دور الشهيدة
الثقافي والتبليغي
كان للشهيدة ـ رحمها الله ـ عدة أدوار رئيسية على
صعيد الجهاد الثقافي والتربوي والتبليغي نستعرضها هنا بإختصار
أولا : مدارس
الزهراء ( عليها السلام)
تعتبر السيدة الشهيدة بنت الهدى من المؤسسين أو
المساهين في إنشاء مدارس الزهراء في بغداد والكاظمية والنجف ـ
وكان ذلك في عام 1967م
ـ ولم يكن الهدف منها سد حاجة المجتمع من المدارس الإبتدائية والثانوية فإن
المدارس الحكومية كانت كافية لاستيعاب كل ما هو موجود من طالبات ، وإنما
كانت هناك
ضرورات أقتضت إنشاء هذه المدارس ، منها مواجهة الثقافات المادية
التي تدعو إلى
الفساد والإنحراف والتردي الأخلاقي ، ومنها السعي لنشر الثقافة الإسلامية
الصحيحة
والوعي الذي يجب أن ترقى إليه المرأة .
إن مما لا شك فيه إن ( المدارس ) من
أفضل الأساليب التي يمكن من خلالها تربية الأجيال وتثقيفهم ، وهي الأسلوب
الذي
يناسب العصر ويلبي متطلباته .
لقد استحصلت الموافقة على إنشاء هذه المدارس
واعتمدت نفس المواد الدراسية في المدارس الحكومية ، سواء في
الابتدائية أو الثانوية
، لكي لا يعيق ذلك الطالبات من مواصلة دراستهن بعد إنهاء الدراسة في
مدارس الزهراء
، واضيف إلى ذلك عدة مواد منها دروس في العقيدة
والتربية الإسلامية بشكل مكثف ورصين
.
ولقد امتدحت الأخت وجيهة الصيدلي وهي مديرة لمدارس الزهراء السيدة الشهيدة
في مقال لها في (المنبر العدد 24ص 8 ) حيث لعبت دور المشرف والموجه لهذه
المدارس
حيث كانت تأتي ثلاثة أيام في الأسبوع فيما كانت الأيام الأخرى
تقضيها في مراكز
التعليم في النجف الأشرف ... ولقد أثمرت جهود الشهيدة بنت الهدى فكان نتاجا
طيبا
مباركا رغم قلة الإمكانات ، ورغم المضايقات الأمنية والسياسية والإجتماعية
حيث تقول
السيدة وجيهة في نفس المقال : ومن المفرح أن أرى هنا في
بريطانيا ـ وكذلك في الخليج
ـ مجموعة من خريجات مدارس الزهراء ، وأنا مسرورة لأنهن حققن أمل الشهيدة ـ
كم كانت
تتمنى أن ترى الزهور اليانعة في المدرسة أمهات رساليات وزوجات مجاهدات ـ
جهاد
المرأة حسن تبعلها ، بل تأكد وتحقق ما عملت من أجله بل وضحت
بنفسها الزكية . لقد
أصبحت الزهور اليانعة موضع افتخار وشاهد عيان على تجربتها في مدارس الزهراء
( عليها
السلام ) الأهلية ...
ثانيا : التدريس وإقامة الندوات
كان للسيدة
الشهيدة بنت الهدى ـ رحمها الله ـ منهج واسع في المجال التثقيفي ، ويعتبر
التدريس
من أهم فقراته .
والمشكلة التي كانت تعترض الطريق طبيعة الكتب الحوزوية التي
لم تكتب للتدريس والمفتقرة إلى منهجية واضحة تعين الطالب على
استيعابها وفهمها ،
إضافة إلى الطباعة السيئة والكتابة المتشابكة وهو ما يصطلح عليه ب (
الطباعة
الحجرية
).
إلا إن الشهيدة بنت الهدى استطاعت أن تتغلب على تلك المشاكل
بقربها من أخويها المرحوم السيد إسماعيل الصدر، وشهيدنا الخالد
السيد الصدر ـ قدس
الله سرهما ـ فاستطاعت أن تتجاوز كل تلك المشاكل بجدارة ، وتمكنت من
الإحاطة
بالمواد العلمية الحوزوية ـ الفقهية والأصولية خاصة ـ مما مكنها من التدريس
بكفائة
عالية
.
وكان الهدف الحقيقي من إقامتها لحلقات التدريس في البيت ليس فقط
تثقيف طالباتها وإنما إعدادهن لتحمل المسؤولية في المستقبل
لممارسة نفس الدور ،
وخلق طاقات علمية نسائية قادرة على إيجاد حوزات علمية نسائية تتحمل دورا
كبيرا في
نشر الثقافة الإسلامية من مصادرها النقية الصحيحة
وإلى جانب التدريس نظمت
الشهيدة ندوات ثقافية دينية عامة تطرح فيها الأفكار الإسلامية بأساليب
تنسجم مع
متطلبات العصر ومقتضياته ، وقد نالت ندواتها نجاحا منقطع النضير ، وإقبالا
من مختلف
الطبقات النسوية
.
كما كانت تأمل في إعادة النظر في الإحتفالات التي تقام في
مناسبات الزواج بحيث تنسجم مع الأخلاق والآداب الإسلامية وتكون
مناسبة جيدة لفهم
حقيقة الزواج في الإسلام وأهدافه وما يجب أن يكون عليه الزوج وكذلك الزوجة
من أخلاق
عالية وانسجام كامل وعدم إهتمام بالأمور المادية . بشكل يحافظ على طابع
السرور
والفرح الذي تتسم به تلك المناسبات
.
ثالثا : الكتابة والتأليف
تعتبر
الشهيدة بنت الهدى الرائدة الأولى في الكتابة والتأليف واستعمال الأسلوب
القصصي في
إيصال الأفكار أو التوجيهات . وأقول إنها (رائدة) لأننا لم نعهد في النجف ـ
بالرغم
من أنها تضم الحوزة العلمية والمرجعية الدينية ـ كاتبة إسلامية سبقت
الشهيدة بنت
الهدى في هذا المجال
.
وهي مع ذلك كانت متواضعة بسيطة لم تستهدف الشهرة
والظهور، وما يؤيد هذه الحقيقة إن الشهيدة السعيدة آمنة الصدر
اختارت اسما لها هو
ما نعرفه بها ( بنت الهدى ) تجنبا للشهرة والرياء وحب الذات ، ولم يكن هناك
ضير في
كتابة إسمها الحقيقي لا شرعا ولا عرفا . كما لم يكن ذلك بسبب الظروف
الأمنية لأن
(
جهاز مراقبة المطبوعات ) في العراق لا يتعرف إلا بالأسم الحقيقي لأصدار
إجازة الطبع
.
والسبب فقط هو نكرانها لذاتها وعزوفها عن الشهرة ولقد بدأت الشهيدة كما
قلنا
سابقا الكتابة في مجلة الأضواء التي تصدرها جماعة العلماء ، وكذلك في مجلة
الإيمان
التي أصدرها المرحوم الشيخ موسى اليعقوبي
.
وقد تميزت فيما كتبت ، فنجد
كتاباتها تحمل روحا جديدة وفكرا واضحا وسلاسة وعذوبة ومعالجات لمشاكل
معاصرة ،
وابتعدت كل البعد عن مظاهر الاستعراضات الفارغة التي تستهدف إبراز الشخصية
وحب
الظهور
. .
رابعا : رحلاتها للحج
(
واجعل
افئدة من الناس تهوي إليهم
)
وكان قلب الشهيدة بنت الهدى ـ رحمها الله ـ
يهوي البيت الحرام والمشاهد المشرفة في تلك الديار المقدسة ،
كانت إذا حانت أيام
الحج تأخذها حالة من الشوق عجيبة وفرحة غامرة تملأ جوانحها فتراها مشدودة
بصدق إلى
الله عز وجل وكأنها تريد أن تستذكر بسرعة أيام الإسلام الأولى في مهده
الطاهر وتعيش
مع المسلمات في عصر الرسالة أعباء حمل الرسالة ، وتستمد العزم
والتصميم منهن .
فكانت الشهيدة تذهب إلى الحج كمرشدة دينية في إحدى " الحملات " التي تذهب
إلى الحج من بغداد أو الكاظمية ، تعلم النساء مسائل الحج وأحكامه فكانت من
الناحية
الفقهية محيطة بفتاوى العديد من المراجع ، وكانت تجيب كل حاجة
على وفق من تقلد من
المجتهدين ، وقد يحدث أن تقع مسائل نادرة وغير موجودة في الرسائل العملية
للفقهاء
وفي هذا الفرض كانت تتصل هاتفيا بالسيد الشهيد الصدر ـ رحمه الله ـ لتتلقى
منه
الحكم الشرعي. وإلى جانب ذلك كانت تسعى إلى التعرف على أوضاع
المسلمين في مختلف
أنحاء العالم ، وتنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة بما يناسب الأوضاع حينها
.
خامسا : دور الرابط بين المرجع والمراجعات
كان للسيدة الشهيدة دور
كبير في الربط بين سيدنا الشهيد وبين القطاعات النسائية ، فكانت تنقل
بأمانة ما
يعرض للنساء من مسائل فقهية قد يترددن بسبب الحياء من توجيهها إلى السيد
الصدر
مباشرة ،تعينها في ذلك بعض الأحيان السيدة الطاهرة أم جعفر ـ
حفظها الله بحسب
المناسبة وطبيعة الموضوع .
ولم يكن هذا فقط فقد كانت مهتمة بكل القضايا التي
تشغل الساحة ومنها القضايا السياسية والثقافية واخصها بالذات
خطوات الحزب الحاكم
وحكومة البعث للسيطرة على المجتمع النسوي من خلال اطروحات وقنوات أعدتها
كأتحاد
النساء والطلائع والفتوة والجمعيات النسائية وأمثالها ، وكان أهم تلك
القضايا هو
مسألة الإنتماء لحزب البعث كشرط فرضته السلطة للقبول في
المؤسسات والجامعات أو
التوظيف الحكومي .
إن هذه المشكلة كانت من الهموم الثابتة في قاموس الشهيدة
بنت الهدى فهي تعرف معنى إنتماء المرأة لحزب البعث وما يتبعه من
إلتزامات ومظاهر
تسخط الله تعالى ، وتعرف كذلك ما تعنيه استقالة الموظفة المسلمة المؤمنة
التي ترفض
الإنتماء لحزب البعث . وما يسببه لها من مشاكل مادية ومحاسبة أمنية ، إذ إن
عدم
الإنتماء يعتبر جريمة كبيرة ، فلا حياد فإما معي وإما ضدي ،
وهذه هي لغة السلطة
الحاكمة في العراق واسلوبها .
وكان للسيدة عدد من المؤمنات ممن كن قد انتمين
إلى حزب البعث إنتماء صوريا في زمن لم يكن يعرفن إن الإنتماء
حرام ، فكن ينقلن
للشهيدة تفاصيل ما يجري في الحزب من مخططات ومؤامرات يحوكها ضد المرأة
العراقية
والمتدينات منهن على الخصوص ، وكانت الشهيدة تنقل ذلك للسيد الشهيد بدقة
.
وبهذا الصدد تقول السيدة وجيهة في نفس مقالها السابق عن أمثال هذا النشاط
ما يلي :
"
يخطئ من يقول أو يظن إن الشهيدة اقتصر عملها على التوجه التربوي
والإجتماعي بل كانت تعمل في المجال السياسي بشكل واع ودقيق لظروفها
والمرحلة التي
تعيشها ، حيث كانت تتحرك ضمن رؤية واضحة المعالم ز فكانت تقوم
بشرح الموقف السياسي
المطلوب آنذاك لجميع من يعمل معها وتعبئة النساء على مقاومة النظام
ومخططاته
وأساليبه التي تدعو وتضغط على النساء عموما بالإنخراط لحزب البعث ،
وبالتالي التخلي
عن القيم والمفاهيم الإسلامية ، وساهمت في تربية المرأة على
الورع عن محارم الله
تعالى ، وفي تكوين الروح الجهادية ضد أعداء الإسلام
... "
وكانت السيدة
الشهيدة تستمد رؤيتها السياسية النهائية من السيد الصدر نفسه ، وكانت في
أحيان
كثيرة تناقش المواضيع والأحداث معه بصراحة ووضوح ، وكان ـ رحمه الله ـ
يستمع إليها
بدقة ويحترم وجهات نظرها
.
شريكة المسيرة والمصير
إذا كان لأحد أن
يعتز بمشاركته لسيدنا الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ في مسيرته الجهادية
فلا
يعدو ذلك الشهيدة بنت الهدى رحمها الله . لقد كتب لها ذلك ، وكانت أهلا له
......
شاركته اليتم والفقر والحرمان في مراحل الطفولة الأولى ، وشاركته ما
كابد من هموم ومشاكل ليس بمقدور كل احد استيعابها ، وشاركته
الصراع المرير مع سلطة
جبارة عاتية كفرت بكل القيم والموازين فوقفت معه في صف المواجهة الأول في
انتفاضة
رجب عام 1979م ، وشاركته شرف الإستشهاد في غرف الأمن العامة في بغداد ،
وشاركته
قبره الشريف في النجف الأشرف
.
إذ لها كل الحق ـ للأمانة التاريخية ـ أن
تعتبر شريكة السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه .
بدأت مسيرة المواجهة
الجهادية للسيدة الشهيدة منذ الإعتقال الأول للسيد ـ رضوان الله عليه ـ عام
1971م 1392
هـ
.
ثم جاءت انتفاضة صفر عام 1977م | 1397هـ فتعرض السيد الشهيد
للإعتقال وكانت تلك الأيام من الأيام العصيبة في تاريخ النجف
حيث عم الخوف والرعب
كل مكان ، وكانت حشود السلطة في كل مكان تعتقل كل من يقع في قبضتها ، أما
بنت الهدى
فكانت البطلة التي وقفت دون خوف في رباطة جأش وشجاعة غريبة حتى عاد السيد
الشهيد ـ
رضوان الله عليه ـ من بغداد
.
عندما خرج السيد مع مدير أمن النجف خرجت معه
وسبقتهما إلى حيث تقف السيارة وخطبت في الجموع منددة بجلاوزة
النظام وما يفعلونه
صارخة ومرحبة بالموت إذا كان في سبيل الله
.
وفي صباح يوم السابع عشر من رجب
1399هـ | 1979م ، تم الإعتقال للشهيد فقامت
الشهيدة بنت الهدى بالذهاب إلى حرم
الأمام أمير المؤمنين بالنجف الأشرف ونادت بأعلى صوتها
:
"
الظليمة ....
الظليمة يا جداه يا أمير المؤمنين لقد اعتقلوا ولدك الصدر .... يا جداه يا
أمير
المؤمنين إني اشكوا إلى الله وإليك ما يجري علينا من ظلم واضطهاد
"
ثم خاطبت
الحاضرين فقالت :
أيها الشرفاء المؤمنون هل تسكتون وقد اعتقل مرجعكم ، هل
تسكتون وإمامكم يسجن ويعذب ؟ ماذا ستقولون إذا لجدي أمير
المؤمنين إن سألكم
عن سكوتكم وتخاذلكم ؟
اخرجوا وتظاهروا واحتجوا .... "
يا له
من خطاب يدل على شجاعتها وقوتها وعدم خوفها من النظام الحاكم وأتباعه
.
وبعد
لحظات نظمت تظاهرة انطلقت من حرم الإمام علي " عليه السلام " ساهمت فيها
المرأة مع
الرجل ، وأدت إلى إجبار السلطة على الإفراج عن السيد الشهيد الصدر
.
وكان من
أثر هذه التظاهرة أن افرج عن السيد بعد ساعات قليلة من إعتقاله
.
شهادتها
ودفنها
الإجرام والوحشية ، القسوة والإرهاب ، صفات وخصائص النظام
العفلقي الحاكم في العراق ، لم يتورع النظام من استعمال كل
وسائل الإرهاب في معالجة
مشاكله مع الشعب العراقي أو مع الدول المجاورة للعراق
.
هل يمكن لحاكم يعيش
في بلد الحضارات وفي القرن العشرين أن ينهج نهجا قمعيا لفرض سيطرته على
الشعب
؟
نعم هذا ما فعله صدام مع جيرانه من البلدان حينما قصف المدن الإيرانية
بالصواريخ وقتل المدنين فيها ، وكذلك عندما قصف حلبجة بالغازات السامة "
وحلبجة
مدينة عراقية لا اسرائيلية " . ثم هجومه على الكويت آخر ضحية
لهذا الطاغية ، فما
جرى لشعبها من قتل وتعذيب وانتهاكات للقيم والأخلاق وحتى لابسط المبادئ
الإنسانية
لا يمكن أن يصدق لولا الوثائق الدامغة التي لا تقبل الشك
.
وبقيت مأساة
العراق في جانبها الأعظم غير موثقة ، وهي مأساة لا نظير لها في تاريخ
البشرية .
لقد قام المجرم التكريتي بقتل السيد الصدر واخته بنت الهدى ـ رضوان الله
عليهما ـ بنفسه فهو الذي أطلق النار عللقد كانت حليمة عاقلة تقابل الإساءة
يهما بعد
أن شارك في تعذيبهما
.
يتحدث صاحب كتاب الشهيدة بنت الهدى كيف روت له ثلاثة
مصادر كيفية حدوث المأساة كما يرويها أحد قوات الأمن ممن كان
حاضرا في غرفة الاعدام
قال :
"
احضروا السيد الصدر إلى مديرية الأمن العامة فقاموا بتقييده بالحديد
ثم جاء المجرم صدام التكريتي فقال باللهجة العامية : ( ولك محمد باقر تريد
تسوي
حكومة ) ثم أخذ يهشم رأسه ووجهه بسوط بلاستيكي صلب .
فقال له السيد الصدر :
(
أنا تارك الحكومات لكم ) وحدث جدال بينهما عن هذا الموضوع وعن علاقته
بالثورة
الإسلامية في إيران مما أثار المجرم صدام فأمر جلاوزته بتعذيب السيد الصدر
تعذيبا
قاسيا . ثم أمر بجلب الشهيدة بنت الهدى ـ ويبدو أنها كانت قد
عذبت في غرفة أخرى ـ
جاءوا بها فاقدة الوعي يجرونها جرا فلما رأها السيد استشاط غضبا ورق لحالها
ووضعا .
فقال لصدام : إذا كنت رجلا ففك قيودي . فأخذ
المجرم سوطا وأخذ يضرب العلوية الشهيدة
وهي لا تشعر بشئ ثم أمر بقطع ثدييها مما جعل السيد في حالة من
الغضب فقال للمجرم
صدام ( لو كنت رجلا فجابهني وجها لوجه ودع أختي ولكنك جبان وأنت بين حمايتك
) فغضب
المجرم وأخرج مسدسه فاطلق النار عليه ثم على أخته الشهيدة وخرج كالمجنون
يسب ويشتم
"
وفي مساء يوم التاسع من نيسان عام 1980 م وفي حدود الساعة التاسعة أو
العاشرة مساء ا قطعت السلطة التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف . وفي
ظلام
الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الأمن إلى دار المرحوم الحجة
السيد محمد صادق
الصدر ـ رحمه الله ـ فطلبوا منه الحضور إلى بناية محافظة النجف وهناك سلموه
جنازة
السيد الشهيد وأخته الطاهرة بنت الهدى ، وحذروه من الإخبار عن شهادة بنت
الهدى ، ثم
أخذوه إلى مقبرة وادي السلام ووارهما الثرى .
ذهبت شهيدتنا الغالية إلى ربها
راضية مرضية لتحيا عند أمها الزهراء ، وتشكو لها عذاب تسعة أشهر ما أقساها
، وسياط
المجرمين وتعذيبهم وما أشدها ، وتقطيع جسد طاهر نذرته لرسالة جدها " عليه
السلام ".
لتشكو لها خذلان الخاذلين ، وسكوت الساكتين وشماتة الشامتين ، وتفرج
المتفرجين
.
ذهبت بنت الهدى وبقى دمها في أعناق الجميع أمانة ما أثقلها في ميزان حساب
الأمم عند الله تعالى وعند التاريخ .
سلام على بنت الهدى يوم ولدت ويوم
استشهدت ويوم تبعث حية . والحمد لله رب العالمين
.
بنت الهدى كما
تراها إحدى تلميذاتها
كتبت السيدة الفاضلة أم تقى الموسوي عن أستاذتها
الشهيدة بنت الهدى رحمها الله ما يلي
:
"
اضاءت حياة الشهيدة بنت الهدى
معالم باهرة ، فهي العالمة الجليلة ، والأديبة الفاضلة ، نشأت
في أحضان أخوين
عالمين ، وأم مهذبة بصيرة ، وقد دأب هذا الثلاثي الطاهر على تربية هذه
البنت تربية
صالحة نموذجية لتصبح بعد حين علما للمرأة المسلمة الرسالية ، ولتكون السراج
المنير
في الليلة الظلماء لمن ضعن في متاهات الغواية والإغراء ، وكان
لديها دافع التقبل
والقدرة على إستيعاب ما يلقى عليها من التوجيهات والدروس والمحاضرات التي
كانت
تعدها لمستقبلها الخطير .
وتقول أم تقى أنه عندما كانت الدكتورة بنت الشاطئ
في النجف الأشرف حيث التقت الشهيدة سألتها الدكتورة :
ـ من أي كلية تخرجت
؟
ـ قالت الشهيدة ببسمة وادعة ( أنا خريجة مدرسة بيتنا
).
فدهشت
الدكتورة لهذه المفاجأة المذهلة التي لم تكن تتوقع سماعها حيث تجد نفسها
تقف أمام
مفكرة إسلامية لم تدخل مدرسة قط
.
وتتكلم عن الجانب الأخلاقي للشهيدة فتقول
:
والمعلم البارز الذي اشرقت به الحياة العلمية للمجاهدة الشهيدة وجعلها
كالشمس المنيرة ، وفتح لها الأبواب على مصاريعها في القلوب فأثرت تأثيرها
المشهود
هو إطلاعها الواسع في علم الأخلاق الذي تكاملت بواسطته وانطلقت
بأنواره لتكميل
غيرها ، وهذا جانب مهم وخطير في حياتها ، وكان لابد لها منه كمؤمنة رسالية
رائدة
ومعلمة هادية ، وكانت لها ـ رضوان الله عليها ـ دراية كافية بهذا العلم وقد
نذرت
نفسها لخدمة هذا الجانب الكبير الذي أشار إليه الرسول ( صلى
الله عليه وآله وسلم
)
بقوله : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ".
وقد كان همها أن تقّوم هذا
الأمر في شخصية المرأة المسلمة التي غدت العوبة اللاعبين وقد اضلوها عن
الطريق
المستقيم ، ومشوا بها في متاهات الدروب الملتوية والمسالك الوعرة ،وكانت
أكثر
كتاباتها ومحاضراتها تتركز على هذا الأمر . ولكون كلمتها كانت
بمنتهى الصدق
والإخلاص ، ومن أعماق قلبها كانت كلمة مؤثرة مغيّرة ، وقد استطاعت بها أن
تصنع جيلا
نسويّا فرض التيار الإسلامي على الصعيد النسوي ، وفي وسط المجتمع وعلى كل
المستويات .
تواصل أم تقى كتابتها عن الشهيدة فتقول:
لم تكن الشهيدة تمتلك في
قلبها إلا الهم المقدس ، وهو هم العقيدة ، وقد انصرفت عن كل هموم الحياة
الدنيا
ومشاغلها ، وكأنها قد خاطبت الدنيا خطاب جدها أمير المؤمنين ( يا دنيا إليك
عني
)
فلم تفكر في نفسها ولم يكن لديها توجّه لذاتها ، وقد عزفت عن الشؤون
الإعتيادية
التي تهتم بها بنات جلدتها والتي هي أمور أساسية في الحياة
بالنسبة لغيرها كالزواج
والبيت والإستقرار المعيشي مع الزوج المطلوب والتفكير بالمستقبل والحصول
على النصيب
المفروض للإنسان من متاع الحياة الدنيا .
لم نكن نرى في حياة الشهيدة الا
قضية واحدة مركزية هي قضية العقيدة ، وما سواها من القضايا كان هامشيا جدا
في
حياتها ومسخرا للقضية الأولى ، وكمثال على ذلك قضية اللباس الذي كانت تحاول
أن
تجعله موضع قبول الموسرات اللواتي يلتقين بها في بغداد أو في
النجف ، فقد كانت
فلسفة موقفها في هذا الأمر كما تبين هي ذلك استخدامه وسيلة جذب وخلق صورة
طيبة عن
أمثالها من المؤمنات العاملات في نفوس الكثير من النساء اللواتي يرين في
حسن الملبس
لونا من ألوان الثقافة والذوق ومجاراة العصر ، ومواكبة المدنية ، ومعايشة
لروح
الزمان ، وكن يتصورن إن بنات المتدينين ونساءهم متخلفات حتى في
لباسهن ولا يمتلكن
ذوقا متحضرا ، ولا فهما لروح المدنية المتطورة التي اتحفت الدنيا بكل جديد
من انتاج
ذوقها المتفتح على الحياة . لذا نجد أن السيدة الشهيدة تعلم كيف تجذب
الكثيرات إلى
الإسلام بدعوتها الكثيرات إلى الاهتمام بكل ما هو من شأنه خدمة
الإسلام ولكن في
حدود الزهد مع الأناقة .
اما اذا اردنا أن نتكلم وان نتعمق في شخصيتها فتقول
أم تقى : إنها كانت رحمها الله تجسيدا حيا ومصغرا لدور جدها
رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم الذي وصفه أمير المومنين بأنه : " طبيب دوار بطبه " فكانت
كثيرة
الحركة والتنقل بين بغداد والنجف والديار المقدسة بمسؤوليتها العظيمة
مسؤولية
الهداية ، وكان قلبها ممتلئا بعشق هذه المسؤولية ، ولم يكن يوجد
إلى جنبه في قلبها
الطاهر المتمحص للإسلام عشق لشئ آخر ، كانت دائبة النشاط لا لغرض دنيوي ولا
لمتاع
ارضي بل لهداية إنسان أو إسناد قضية إسلامية ، أو مساعدة محتاج ، أو إصلاح
ذات بين
، أو نفود هادف في المجتمع . وكانت كل
خطواتها محسوبة مدروسة في ضمن برنامج ، وكانت
بروحها السامية الطلقة تتألق في ذري البشر ، وكانت في نفس هذا الوقت الذي
تبدو فيه
مبتسمة منشرحة تحمل في نفسها هم الإسلام العظيم وتطوي بين
جوانحها حرارة ذلك الهم
الكبير وهموم الوضع القائم والإنحراف عن المسيرة التي راح الظلم يطبق على
نهارها
ويواري شمسها . لقد كانت حليمة عاقلة تقابل الإساءة بالإحسان والعقوق
بالغفران ،
وكانت صامدة راسخة لا تهزها الرياح العاتية ، ولا تحركها
الزوابع الضارية ، فكانت
تشد جراحنا وجراح المتعبات بذلك الصمود الزينبي في أيام المحن ، وكنا نأسو
كلومنا
وننسى همومنا في إشراق تلك البسمات عند أدلهمام الخطوب . والحق أقول لقد
اجتمعت في
شخصية الشهيدة بنت الهدى من خصال الخير ما لم يجتمع عند الكثير
من نسائنا كسمو
النفس ، وطهارة الروح ، وعلو الهمة ، وصفاء الطبع ، والمسارعة إلى الخير ،
والإيثار
والتضحية ، وبشاشة الوجه ، وطلاقة المحيا ، فكانت في هذا مثال المؤمن الذي
وصفه
الإمام علي عليه السلام ( المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه )
. وإن كان هناك
الكثير الذي أصابها بأسى ولوعة اختفاء أخو زوجة أخيها السيد موسى الصدر
الذي كان
عضدا قويا للشهيد الصدر ، وكان من أركانه التي يعتمد عليها في الخارج ،
وكان أحد
وسائل ضغطه على النظام الحاكم في العراق . وفقد خالها آية الله
العظمى الشيخ مرتضى
آل ياسين وأخيرا مهاجمة جلاوزة النظام بيتها واعتقال السيد الصدر ( قدس سره
الشريف
)
إلا أنها كانت أكثر ثباتا وقوة في العقيدة فلم تبعدها الظروف عن هدفها الا
وهو
خدمة الإسلام العظيم لذا كانت دائما تقول ( لا أريد أن أهرم ويترك الزمان
علي أثره
بل أنا التي تترك عليه أثرها ) . قالت والزمان نافر جامح قد أبى
بعوامل سلطته
ونفوذه إلا إن يقهرها، فقد اجلب لهذه خيله ورجله ، واعد عدته وشحذ اسلحته ،
لكنه
حين واجهته بنت الهدى بقوة الصبر ، وصلابة التجلد ، وصمود الاحتمال ،
واقتدار
الاحتساب ، والتوكل على الله في بطولة الإيمان ، وحماسة التقوى
وشموخ اليقين ،
استخذى استخذاء المستسلم الذليل وأسلم معصميه لأغلال الهوان معترفا لدى (
بنت الهدى
)
وأباح لها أن تترك عليه أثرها الذي أرادته فسجلت على جبينه نصرها المؤزر
وسجل لها
هو بميسم الذل اعترافه بالاستسلام .
لقد قالت وكانت عند قولها :
لكي يثبط لي عزما
قسما وان جهد الزمان
بأن يريش
إليّ سهما
أو حاول الدهر الخؤون
تكيل آلاما وهما
وتفاعلت شتى
الظروف
بأفق فكري فادلهما
فتراكمت سحب الهموم
وان غدت قدماي
تدمى
لن انثني عما أروم
فغايتي أعلى واسمى
كلا ولن أدع
الجهاد
|
The information contained
in this Website
may not be republished or redistributed
without the prior written authority of Authors or Website Master
|
|